للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤٣٧١ - قال مقاتل بن سليمان: {وإذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ أأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ} يعني: بني إسرائيل في الدنيا: {اتَّخِذُونِي وأُمِّي} مريم {إلهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ} فنَزَّه الرب - عز وجل - أن يكون أمرهم بذلك، فقال: {ما يَكُونُ لِي} يعني: ما ينبغي لي {أنْ أقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} يعني: بعدل أن يعبدوا غيرك، {إنْ كُنْتُ قُلْتُهُ} لهم {فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي} يعني: ما كان مني وما يكون، {ولا أعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ} يقول: ولا أطلع على غيبك. وقال أيضًا: {ولا أعْلَمُ} ما في علمك، ما كان منك وما يكون، {إنَّكَ أنْتَ عَلّامُ الغُيُوبِ} يعني: غيب ما كان، وغيب ما يكون، ... وإنما قال الله - عز وجل -: {وإذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ} ولم يقل: وإذ يقول يا عيسى ابن مريم. لأنّه قال سبحانه قبل ذكر عيسى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ}. قالوا يومئذ -وهو يوم القيامة- حين يفرغ من مخاصمة الرسل، فينادي: أين عيسى ابن مريم؟ فيقوم عيسى - صلى الله عليه وسلم - شَفِقٌ فَرِقٌ، يَرْعُد (١) رِعْدةً حتى يقف بين يدي الله - عز وجل -: يا عيسى {أأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّي إلهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ}. وكما قال سبحانه: {ونُودُوا أنْ تِلْكُمُ الجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: ٤٣]، فلما دخلوا الجنة قال: {ونادى أصحابُ النّارِ} [الأعراف: ٤٤]، فنسق بالماضي على الماضي والمعنى مستقبل، ولو لم يذكر الجنة قبل بدئهم بالكلام الأول لقال في الكلام الأول: وينادي أصحاب الجنة أصحاب النّار. وكل شيء في القرآن على هذا النحو. ثم قال عيسى - صلى الله عليه وسلم - لربه - عز وجل - في الآخرة: يا ربِّ، غبتُ عنهم، وتركتهم على الحق الذي أمرتني به، فلم أدرِ ما أحدثوا بعدي (٢). (ز)


(١) يَرْعُد: يرجُف ويضطرب من الخوف. النهاية (رعد).
(٢) تفسير مقاتل بن سليمان ١/ ٥١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>