ورجَّح ابنُ جرير (٩/ ٢٦٩) الجمع بين الأقوال مستندًا إلى العموم، فقال: «والصوابُ مِن القول في ذلك أن يقال: إنّ الله تعالى نهى نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أن يطرد قومًا كانوا يدعون ربهم بالغداة والعشي، والدعاء لله يكون بذكره وتمجيده والثناء عليه قولًا وكلامًا، وقد يكون بالعمل له بالجوارح الأعمال التي كان عليهم فرضها وغيرها من النوافل التي ترضى، والعامل له عابده بما هو عامل له، وقد يجوز أن يكون القوم كانوا جامعين هذه المعاني كلها، فوصفهم الله بذلك بأنهم يدعونه بالغداة والعشي؛ لأنّ الله قد سمى العبادة: دعاء، فقال تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} [غافر: ٦٠]. وقد يجوز أن يكون ذلك على خاص من الدعاء، ولا قول أوْلى بذلك بالصحة من وصف القوم بما وصفهم الله به من أنهم كانوا يدعون ربهم بالغداة والعشي، فيُعَمُّون بالصفة التي وصفهم بها ربهم، ولا يُخَصُّون منها بشيء دون شيء».