للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مصيبة أشدُّ مِن أن أرى أُمَّتي يُعَذِّبُ بعضُها بعضًا؟!». وأوحى إليه: {الم * أحسب الناس أن يتركوا} الآيتين [العنكبوت: ١ - ٢]. فأعلَمه أنّ أُمَّته لم تُخصَّ دونَ الأمم بالفتن، وأنها ستُبتَلى كما ابتُلِيتِ الأمم، ثم أنزَل عليه: {قل رب إما تريني ما يوعدون * رب فلا تجعلني في القوم الظالمين} [المؤمنون: ٩٣ - ٩٤]، فتعوَّذ نبي الله، فأعاذه الله، لم يَرَ من أمته إلا الجماعة والأُلفة والطاعة، ثم أنزَل عليه آيةً حذَّر فيها أصحابه الفتنة، فأخبره أنه إنما يُخصُّ بها ناسٌ منهم دون ناس، فقال: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب} [الأنفال: ٢٥]، فخصَّ بها أقوامًا من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - بعده، وعصَم بها أقوامًا (١). (٦/ ٨٣)

٢٥٠٨٨ - عن أبي الزبير محمد بن مسلم المكي -من طريق خالد بن يزيد- قال: لَمّا نزلت هذه الآية: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أعوذ بالله من ذلك». قال: {أو من تحت أرجلكم} قال: «أعوذ بالله من ذلك». قال: {أو يلبسكم شيعا} قال: «هذه أيسر». ولو استعاذه لأعاذه (٢). (ز)

٢٥٠٨٩ - عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: {من فوقكم أو من تحت أرجلكم} لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأعفاكم منه، {أو يلبسكم شيعا} قال: ما كان فيكم من الفتن والاختلاف (٣). (ز)

٢٥٠٩٠ - عن الحسن البصري -من طريق حفص بن سليمان - في قوله: {عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم} قال: هذا للمشركين، {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} قال: هذا للمسلمين (٤). (٦/ ٨٥)

٢٥٠٩١ - قال الحسن البصري =

٢٥٠٩٢ - وقتادة بن دعامة: قوله - عز وجل -: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} نزلت الآية في أهل الإيمان (٥) [٢٢٩٢]. (ز)


[٢٢٩٢] اختُلِف فيمن عني بهذه الآية على قولين: الأول: عني بها المؤمنين من أمة محمد، وفيهم نزلت. والثاني: عني ببعضها أهل الشرك، وببعضها أهل الإسلام.
ورجَّح ابنُ جرير (٩/ ٣٠٨) أنها في المشركين، وأنها خطاب لهم مستندًا إلى السياق، وعلَّل ذلك بقوله: «وذلك أنها تتلو قوله: {قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين. قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون}. ويتلوها قوله: {وكذب به قومك وهو الحق}. وغير جائز أن يكون المؤمنون كانوا به مكذبين، فإذا كان غير جائز أن يكون ذلك كذلك، وكانت هذه الآية بين هاتين الآيتين؛ كان بيِّنًا أنّ ذلك وعيد لمن تقدَّم وصف الله إيّاه بالشرك، وتأخَّر الخبرُ عنه بالتكذيب، لا لمن لم يَجْرِ له ذِكْرٌ، غير أنّ ذلك وإن كان كذلك فإنه قد عَمَّ وعيده بذلك كل مَن سلك سبيلهم مِن أهل الخلاف على الله وعلى رسوله، والتكذيب بآيات الله من هذه وغيرها».
وبنحوه رجَّح ابنُ عطية (٣/ ٣٨٢).وعلَّق ابنُ عطية (٣/ ٣٨٢) على هذا الخلاف بقوله: «وهذا الاختلاف إنما هو بحسب ما يظهر من أنّ الآية تتناول معانيها المشركين والمؤمنين».

<<  <  ج: ص:  >  >>