[٢٣٠٥] اختُلِف في معنى قوله: {أن تبسل نفس} على أربعة أقوال: الأول: أن تُسلَم. والثاني: تُحْبَس. والثالث: تُفْضَح. والرابع: تُجْزى. ورجّح ابنُ جرير (٩/ ٣٢٣ بتصرف) المعنى الثاني مستندًا إلى اللغة، وقال: "أصل الإبسال: التحريم، يُقال منه: أبسلت المكان، إذا حرّمته فلم يقرب، ومنه قوله الشاعر: بَكَرَتْ تَلُومُكَ بَعْدَ وهْنٍ فِي النَّدى ... بَسْلٌ عَلَيْكِ مَلامَتِي وعِتابِي أي: حرام عليك ملامتي وعتابي. ومنه قولهم: أسد باسل، ويراد به: لا يقربه شيء، فكأنه قد حرَّم نفسه، ثم يجعل ذلك صفة لكل شديد يتحامى لشدته. فتأويل الكلام إذًا: وذكّر بالقرآن هؤلاء الذين يخوضون في آياتنا وغيرهم مِمَّن سلك سبيلهم من المشركين، كيلا تُبسل نفس بذنوبها وكفرها بربها، وترتهن فتغلق بما كسبت من إجرامها في عذاب الله". ورجّح ابنُ كثير (٦/ ٧٩) الجمع بين هذه الأقوال مستندًا إلى النظائر بقوله: «وكل هذه الأقوال والعبارات متقاربة في المعنى، وحاصلها: الإسلام للهلكة، والحبس عن الخير، والارتهان عن درك المطلوب، كقوله: {كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين} [المدثر: ٣٨ - ٣٩]». وبنحوه رجّح ابنُ عطية (٣/ ٣٨٨) مستندًا إلى اللغة، ثُمَّ ذكر قولًا مفاده: أنّ {تبسل} مأخوذ من البسل، أي: من الحرام. كما قال الشاعر: بَكَرَتْ تَلُومُكَ بعد وهْنٍ في النَّدى ... بَسْلٌ عليك ملامتي وعتابي وانتَقَده بقوله: «وهذا بعيد».