للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشياطين}، قال: أضلَّتْه الشياطين {في الأرض حيران} (١). (ز)

٢٥٢٥٤ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: {قل أندعوا من دون الله} الآية، قال: قال المشركون للمؤمنين: اتَّبِعوا سبيلنا، واتركوا دين محمد. فقال الله: {قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا} فهذه الآلهة، {ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله} فيكون مَثَلُنا كمَثَل الذي {استهوته الشياطين في الأرض}. يقول: مثلُكم إن كفرتم بعد الإيمان كمَثَل رجل كان مع قوم على الطريق، فَضَلَّ الطريق، فحيَّرته الشياطين، واستهوته في الأرض، وأصحابُه على الطريق، فجعلوا يَدعُونه إليهم، يقولون: ائتِنا فإنّا على الطريق. فأبى أن يأتيهم، فذلك مثلُ مَن يتَّبِعُكم بعد المعرفة لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - الذي يدعو إلى الطريق، والطريق هو الإسلام (٢) [٢٣٠٩]. (٦/ ٩٤)

٢٥٢٥٥ - قال مقاتل بن سليمان: {قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا} وذلك أنّ كُفّار مكة عذَّبوا نفرًا من المسلمين على الإسلام، وأرادوهم على الكفر، يقول الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: قل أتعبدون من دون الله من آلهة -يعني: الأوثان- ما لا يملك لكم ضرًّا ولا نفعًا في الآخرة، ولا يملك لنا ضرًّا في الدنيا، {ونرد على أعقابنا} يعني: ونرجع إلى الشرك {بعد إذ هدانا الله} إلى دينه الإسلام، فهذا قول المسلمين للكفار حين قالوا لهم: اتركوا دين محمد - صلى الله عليه وسلم -، واتَّبعوا ديننا. يقول الله للمؤمنين: رُدُّوا عليهم: فإنّ مَثَلَنا إن اتبعناكم وتركنا ديننا كان مَثَلُنا {كالذي استهوته الشياطين}، وأصحابه على الطريق {يدعونه إلى الهدى} أن {ائتنا}، فإنّا على الطريق. فأبى ذلك الرجل أن يأتيهم، فذلك مثلنا إن تركنا دين محمد - صلى الله عليه وسلم - ونحن على طريق الإسلام، وأما الذي {استهوته الشياطين} يعني: أضلته {في الأرض حيران} لا يدري أين يتوجه؛ فإنّه عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، أضلَّته الشياطين عن الهدى، فهو


[٢٣٠٩] على هذا القول فـ «الأصحاب» هم على الطريق المدعو إليها، والمؤمنين الداعين للمرتدين شبهوا بهم، والهدى هو هدى على حقيقته. وذكر ابنُ عطية (٣/ ٣٩٢) أنّ قوله: {قُلْ إنَّ هُدى اللَّهِ} يجيء على هذا القول بمعنى: أن دعاء الأصحاب وإن كان إلى هدى فليس بنفس دعائهم تقع الهداية، وإنما يهتدي بذلك الدعاء مَن هداه الله تعالى بهداه.

<<  <  ج: ص:  >  >>