للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[السجدة: ١١]. قال: «فيتلقّاها بأكفان بيض، ثم يحتضِنُها إليه، فهو أشدُّ لها لزومًا من المرأة لولدِها، ثم يفوحُ لها فيهم ريحٌ أطيبُ من المسك، يتباشَرون بها، ويقولون: مرحبًا بالريح الطيبة، والروح الطيب، اللهم صلِّ عليه روحًا، وصلِّ عليه جسدًا خرَجَتْ منه. فيصعدون بها، ولله خلقٌ في الهواء لا يعلمُ عِدَّتَهم إلا هو، فيفوحُ لها فيهم ريحٌ أطيبُ من المسك، فيُصَلُّون عليها، ويتباشَرُون بها، وتُفتحُ لها أبواب السماء، ويُصَلِّي عليها كل مَلَك في كل سماء تمُرُّ به، حتى تُوقَفَ بينَ يدَي الملك الجبار، فيقول الجبار - عز وجل -: مرحبًا بالنفس الطيبة، وبجسدٍ خرَجتْ منه. وإذا قال الربُّ - عز وجل - للشيء: مرحبًا. رحُب له كلُّ شيء، وذهَب عنه كلُّ ضَيْق، ثم يقول: اذهبوا بهذه النفس الطيبة، فأدخِلوها الجنة، وأرُوها مقعدَها، واعرِضوا عليها ما أُعِدَّ لها من النعيم والكرامة، ثم اهبِطوا بها إلى الأرض، فإني قضيتُ أنِّي منها خلَقتُهم، وفيها أعيدُهم، ومنها أُخرجُهم تارةً أُخرى. فو الذي نفسُ محمد بيده، لَهِي أشدُّ كراهة للخروج منها حين كانت تخرُجُ من الجسد، وتقول: أين تَذهَبون بي؟ إلى ذلك الجسد الذي كنتُ فيه؟! فيقولون: إنّا مأمورون بهذا، فلا بدَّ لكِ منه. فيهبِطون به على قدر فراغِهم من غُسلِه وأكفانه، فيُدخِلون ذلك الروحَ بين الجسد وأكفانه، فما خلَق الله كلمةً تكلَّمها حميم ولا غير حميم إلا وهو يسمَعُها، إلا أنه لا يُؤذنُ له في المراجعة، فلو سمِع أشد الناس له حبًّا ومن أعزِّهم كان عليه يقول: على رِسْلِكم، ما يُعجِلُكم. وأُذن له في الكلام للَعَنه، وإنه لَيسمعُ خفقَ نِعالِهم ونفضَ أيديهم إذا ولَّوا عنه، ثم يأتيه عند ذلك مَلَكان فظّان غليظان، يُسميّان: منكرًا، ونكيرًا، ومعهما عصًا من حديد، لو اجتمَع عليها الجنُّ والإنس ما أقلُّوها، وهي عليهما يسير، فيقولان له: اقعُدْ بإذن الله. فإذا هو مستوٍ قاعدًا، فينظرُ عند ذلك إلى خلق ٍكريه فظيع يُنسيه ما كان رأى عندَ موته، فيقولان له: مَن ربُّك؟ فيقول: الله. فيقولان: فما دينُك؟ فيقول: الإسلام. ثم ينتهِرانِه عند ذلك انتهارةً شديدة، فيقولان: فمن نبيك؟ فيقول: محمد - صلى الله عليه وسلم -. ويعرَقُ عند ذلك عرقًا يبتلُّ ما تحتَه من التراب، ويصير ذلك العرق أطيب من ريح المسك، وينادى عند ذلك من السماء نداءً خفيًّا: صدَق عبدي، فلينفعْه صدقُه. ثم يُفْسَحُ له في قبره مَدَّ بصره، ويُنبَذُ له فيه الريحان، ويُسترُ بالحرير، فإن كان معه من القرآن شيء كفاه نورُه، وإن لم يكن معه جُعِل له نورٌ مثلُ الشمس في قبره، ويُفتحُ له أبواب وكِوًى إلى الجنة، فينظرُ إلى مقعدِه منها مما كان عايَن حينَ صُعِد به، ثم يقال له: نمْ قريرَ العين. فما نومُه ذلك إلى يوم يقومُ إلا كنومةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>