[٢٣٥٩] أفادت الآثارُ بأنّ الإدراك عند السلف له معنيان: الأول: الإحاطة. وهو قول ابن عباس، والعوفي، وقتادة، وسعيد بن المسيب، وعكرمة، وعطاء. والثاني: الرؤية. وهو قول عائشة، والسدي، والحسن، وإسماعيل بن عُلَيَّة، ومقاتل. وقد ذكر ابنُ جرير (٩/ ٤٥٩ - ٤٦٦) هذين القولين، ثم بيَّن أنّ البعض اتخذ من تفسير الإدراك بالرؤية ذريعةً لنفي رؤية الله يوم القيامة، وذكر العِلَلَ التي استند إليها قائلو ذلك، وانتَقَدها. وذكر في مسألة رؤية الله أقوالًا أخرى؛ منها: لا تُدْرِكه أبصار الخلائق في الدنيا، وأما في الآخرة فإنها تُدْرِكه. ومنها: لا تدركه أبصار الظالمين في الدنيا والآخرة، وتدركه أبصار المؤمنين، وهو يدرك الأبصار في الدنيا والآخرة، فالآية عندهم على الخصوص. ومنها: أنّ الأبصار لا تدركه في الدنيا والآخرة، ولكنَّ الله يُحْدِث لأوليائه حاسَّةً سادسة سوى حواسهم الخمس يرونه بها، فالآية عندهم على العموم. ثُمَّ رجَّح ابنُ جرير مستندًا إلى السنة رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة، كما أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر، وكما ترون الشمس ليس دونها سحاب». وانتقد ابنُ عطية (٣/ ٤٣٤) مستندًا إلى القرآن، والسنة القولَ الرابع، والخامس، فقال: «وهذه الأقوال كلها ضعيفة، ودعاوى لا تستند إلى قرآن ولا حديث».