للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخشى أن يكون غلطًا، لأن الصحيح من الرواية عنه ما قد ذكرنا قبل" (١)، ثم رجح أن الصواب هو القول الأول، ثم قال: "وإنما قلنا ذلك هو الصواب؛ لإجماع أهل التأويل عليه، لأن اللَّه -عزّ ذكره- قد أخبرنا أن كل عامل فجزاء عمله له أو عليه، وإذا كان ذلك حكمه في خلقه، فغير جائز أن يكون آثام المقتول مأخوذًا بها القاتل، وإنما يؤخذ القاتل بإثمه بالقتل المحرم وسائر آثام معاصيه التي ارتكبها بنفسه دون ما ركبه قتيله" (٢).

ومن أمثلته أيضًا: قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١]؛ فقد أجمعت الأمة على أن الأخوين يحجبان الأم من الثلث إلى السدس، ونصّ على هذا الإجماع: الطبري (٣)، والواحدي (٤)، وابن عطية (٥)، وغيرهم.

وقد روي عن ابن عباس ما يخالف هذا الإجماع ولكنه لم يثبت عنه، ولذا قال ابن كثير: ". . . وحكم الأخوين فيما ذكرناه كحكم الإخوة عند الجمهور، وقد روى البيهقي من طريق شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس أنه دخل على عثمان فقال: إن الأخوين لا يَرُذَان الأم عن الثلث، قال اللَّه تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} فالأخوان ليسا بلسان قومك إخوة، فقال عثمان: لا أستطيع تغيير ما كان قبلي ومضى في الأمصار وتوارث به الناس.

وفي صحة هذا الأثر نظر؛ فإن شعبة هذا تكلم فيه مالك بن أنس، ولو كان هذا صحيحًا عن ابن عباس لذهب إليه أصحابه الأخِصَّاء به، والمنقول عنهم خلافه" (٦).

٧ - اشتراط الثبوت عند ورود قولين متعارضين عن مفسر واحد، وإرادة الجزم بنسبتهما أو أحدهما إليه:

ومن أمثلة ذلك: ما ورد عن عمر في قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: ٢٢١]، فقد ورد عنه قولان:

أحدهما: أنه جعل المرأة الكتابية كالمشركة في حرمة نكاحها، وأنه أمر طلحة وحذيفة بفراق امرأتين من أهل الكتاب كان كل منهما قد تزوج بواحدة منهما.

ثانيهما: أنه يرى جواز نكاح المسلم للكتابية (٧).

وقد ذكر الطبري القول الأول ثم قال: ". . . وأما القول الذي روي عن عمر -رضي اللَّه عنه-


(١) تفسير الطبري ٦/ ١٩٣.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ١٩٣.
(٣) تفسير الطبري ٤/ ٢٧٨.
(٤) الوسيط للإمام أبي الحسن الواحدي ٢/ ٢٠.
(٥) المحرر الوجيز ٢/ ١٧، وينظر: الإجماع في التفسير ص ٢٥٩.
(٦) تفسير ابن كثير ١/ ٤٥٩. وينظر أمثلة أخرى في: المحرر الوجيز ٢/ ٣٤٦، ٤/ ١٧٦.
(٧) ينظر: تفسير الطبري ٢/ ٣٧٧: ٣٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>