للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من تفريقه بين طلحة وحذيفة وامرأتيهما اللتين كانتا كتابيتين فقول لا معنى له؛ لخلافه ما الأمة مجتمعة على تحليله بكتاب اللَّه -تعالى ذكره- من القول وخبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد روي عن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- من القول خلاف ذلك بإسناد هو أصح منه، وهو ما حدثني به موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: حدثنا محمد بن بشر، قال: حدثنا سفيان بن سعيد عن يزيد بن أبي زياد عن زيد بن وهب قال: قال عمر: المسلم يتزوج النصرانية، ولا يتزوج النصراني المسلمة" (١).

وقال ابن كثير بعد إيراده الأثر عن عمر بتفريقه بين طلحة وحذيفة وزوجتيهما: "وهذا الأثر غريب عن عمر" (٢).

ومن أمثلة ذلك أيضًا: ما روي عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- في قوله تعالى: {وَيَتْلُوُه شَاهِدٌ مِّنْهُ} [هود: ١٧]؛ فقد ورد عنه قولان متعارضان في المراد بالشاهد:

الأول: أن الشاهد هو علي نفسه.

الثاني: أنه ليس هو الشاهد، ولكن الشاهد لسان محمد (٣).

وقد ساق ابن تيمية القول الأول ثم قال: "وهذا كذب عَلَى عَلِيّ قطعًا، وقد رووا عن علي ما يعارض ذلك" (٤) ثم ذكر أن ابن أبي حاتم أسند عن محمد بن علي، المعروف بابن الحنفية، قال: "قلت لأبي: يا أبة؛ {وَيَتْلُوُه شَاهِدٌ مِّنْهُ} إن الناس يقولون: أنك أنت هو، قال: وددت لو أني أنا هو؛ ولكنه لسانه" (٥). وقال ابن كثير: "وقيل: هو عليّ. وهو ضعيف لا يثبت له قائل" (٦).

٨ - اشتراط الثبوت عند إرادة إثبات قراءة ما عن واحد من الصحابة، ويتأكد ذلك إذا كانت القراءة المروية مخالفة للقراءة المشهورة المعروفة.

ومن أمثلة ذلك: ما ورد عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- في قوله تعالى: {يأيُّهَا الَّذِيِنَءَامَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} [البقرة: ١٠٤]؛ قال الطبري: "وقد ذُكِرَ أنَّ قراءة ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-: (لا تقولوا راعونا) بمعنى حكاية أمر صالحة لجماعة بمراعاتهم. . .


(١) تفسير الطبري ٢/ ٣٧٨.
(٢) تفسير ابن كثير ١/ ٢٥٧.
(٣) ينظر القولان في: تفسير ابن أبي حاتم ٦/ ٢٠١٤، ٢٠١٥.
(٤) مجموع الفتاوى ١٥/ ٨٥.
(٥) تفسير ابن أبي حاتم ٦/ ٢٠١٤، مجموع الفتاوى ١٥/ ٨٥.
(٦) تفسير ابن كثير ٢/ ٤٤٠. وينظر أمثلة أخرى في: تفسير الطبري ٦/ ١٩٣، بدائع التفسير ١/ ٣٩٠، ٣/ ١٠٦، تفسير ابن كثير ١/ ٤٦٠، ٢/ ٢٨، ٣/ ٢٠٠، ٥٥٨، البداية والنهاية ٥/ ٣٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>