للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن الوحش تأتيهم جهارًا ... ولا تخشى لعادِيٍّ سهاما

وأنتم هاهنا فيما اشتهيتم ... نهاركم وليلكم التماما

فقُبِّح وفدُكم من وفد قوم ... ولا لقوا التحية والسلاما

قال: فعند ذلك تَنَبَّه القومُ لِما جاءوا له، فنهضوا إلى الحرم، ودَعَوْا لقومهم، فدعا داعيهم، وهو: قَيْلُ بن عَنزٍ، فأنشأ الله سحابات ثلاثًا: بيضاء، وسوداء، وحمراء، ثم ناداه منادٍ من السماء: اختر لنفسك -أو: لقومك- من هذا السحاب. فقال: اخترت هذه السحابة السوداء؛ فإنّها أكثر السحاب ماءً. فناداه منادٍ: اخترتَ رمادًا رِمْدِدًا، لا تبقي مِن عاد أحدا، لا والدًا تترك ولا ولدا، إلا جعلته همدا، إلا بني اللُّوذِيَّةِ المُهَدّى، قال: وبنو اللوذية: بطنٌ من عادٍ، مقيمون بمكة، فلم يصبهم ما أصاب قومهم. قال: وهم من بقي من أنسالهم وذراريهم عاد الآخرة. قال: وساق الله السحابة السوداء -فيما يذكرون- التي اختارها قَيْلُ بن عَنزٍ بما فيها من النقمة إلى عاد، حتى تخرج عليهم من وادٍ يُقال له: المغيث، فلما رأوها استبشروا، وقالوا: {هذا عارض ممطرنا}. يقول: {بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم * تدمر كل شيء بأمر ربها} [الأحقاف: ٢٤ - ٢٥] أي: تُهْلِك كلَّ شيء مَرَّت به، فكان أول مَن أبصر ما فيها وعرف أنها ريح -فيما يذكرون- امرأة من عاد يُقال لها: مَهْدُ، فلمّا تبينت ما فيها صاحت، ثم صعقت، فلمّا أفاقت قالوا: ما رأيتِ، يا مَهْدُ؟ قالتْ: ريحًا فيها شُهُب النار، أمامها رجال يقودونها. فسخَّرها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسومًا، كما قال الله. والحسوم: الدائمة. فلم تدع من عاد أحدًا إلا هلك، واعتزل هود - عليه السلام -فيما ذُكِر لي- ومن معه من المؤمنين في حظيرة، ما يصيبه ومَن معه إلا ما تلين عليه الجلود، وتَلْتَذُّ الأنفس، وإنّها لَتَمُرُّ على عاد بالطعن ما بين السماء والأرض، وتدمغهم بالحجارة (١) [٢٥٥٧]. (ز)


[٢٥٥٧] علَّق ابنُ كثير (٦/ ٣٣٤) على أثر محمد بن إسحاق قائلًا: «وهذا سياق غريب، فيه فوائد كثيرة».

<<  <  ج: ص:  >  >>