للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غنم بن داعر، وهو من بني حلاوة بن المهل، ودأب بن مَهْرَجٍ أخو مِصْدَعِ بن مَهْرَجٍ، وخمسة لم تُحْفَظ لنا أسماؤهم. فرصدوا الناقة حين صَدَرت عن الماء، وقد كمَن لها قدار في أصل صخرة على طريقها، وكمَن لها مِصْدَعٌ في أصلِ أخرى، فمَرَّت على مصدع فرماها بسهم، فانتظم به عضلة ساقها، وخرجت أم غُنْمٍ؛ عُنَيزة، وأمرت ابنتها، وكانتْ مِن أحسن الناس وجهًا، فأسفرت عنه لقُدار، وأَرَتْه إيّاه، ثم ذمَّرَتْه (١)، فشدَّ على الناقة بالسيف، فكسف عرقوبها، فخرَّت، ورغت رغاة واحدة تحذر سَقْبَها. ثم طعن في لُبَّتها فنحرها، وانطلق سقبها حتى أتى جبلًا منيعًا، ثم أتى صخرة في رأس الجبل فرَغا، ولاذ بها، واسم الجبل فيما يزعمون: صور، فأتاهم صالح، فلما رأى الناقة قد عقرت قال: انتهكتم حرمة الله، فأبشِروا بعذاب الله -تبارك وتعالى- ونقمته. فاتبع السَّقْبَ أربعةُ نفر من التسعة الذين عقروا الناقة، وفيهم مِصْدَعُ بن مَهْرَجٍ، فرماه مِصْدَعٌ بسهم، فانتظَمَ قلبه، ثم جَرَّ برجله فأنزله، ثم ألقوا لحمه مع لحم أمه. فلمّا قال لهم صالح: أبشروا بعذاب الله ونقمته؛ قالوا له وهم يهزءون به: ومتى ذلك يا صالح؟ وما آية ذلك؟ وكانوا يسمون الأيام فيهم: الأحد: أول، والاثنين: أهون، والثلاثاء: دُبار، والأربعاء: جُبارَ، والخميس: مُؤْنِسَ، والجمعة: العروبة، والسبت: شِيارَ، وكانوا عقروا الناقة يوم الأربعاء، فقال لهم صالح حين قالوا ذلك: تصبحون غداة يوم مُؤْنِسَ -يعني: يوم الخميس- وجوهكم مُصْفَرَّة، ثم تصبحون يوم العروبة -يعني: يوم الجمعة- ووجوهكم مُحْمَرَّة، ثم تصبحون يوم شيار -يعني: يوم السبت- ووجوهكم مُسْوَدَّة، ثم يُصَبِّحُكم العذاب يوم الأول -يعني: يوم الأحد-. فلما قال لهم صالح ذلك، قال التسعة الذين عقروا الناقة: هلُمُّوا فلْنَقْتُلْ صالحًا؛ إن كان صادقًا عَجَّلْناه قبلنا، وإن كان كاذبًا يكون قد ألحقناه بناقته. فأتوه ليلًا لِيُبَيِّتُوه في أهله، فدَمَغَتْهم الملائكةُ بالحجارة، فلمّا أبْطَئُوا على أصحابهم أتوا منزل صالح، فوجدوهم مُشَدَّخِين، قد رُضِخوا بالحجارة، فقالوا لصالح: أنت قتلتهم. ثم هَمُّوا به، فقامت عشيرتُه دونه، ولبسوا السلاح، وقالوا لهم: واللهِ، لا تقتلونه أبدًا، فقد وعدكم أنّ العذاب نازِلٌ بكم في ثلاث، فإن كان صادقًا لم تزيدوا ربَّكم عليكم إلا غضبًا، وإن كان كاذبًا فأنتم من وراء ما تريدون. فانصرفوا عنهم ليلتهم تلك، والنفر الذين رضختهم الملائكة بالحجارة التسعة الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن بقوله تعالى: {وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في


(١) أي: تُشَجِّعه وتحضه. النهاية (ذمر).

<<  <  ج: ص:  >  >>