للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأرض ولا يصلحون} إلى قوله: {لآية لقوم يعلمون} [النمل: ٤٨ - ٥٢]، فأصبحوا من تلك الليلة التي انصرفوا فيها عن صالح وجوههم مصفرة، فأيقنوا بالعذاب، وعرفوا أنّ صالحًا قد صَدَقَهم، فطلبوه ليقتلوه، وخرج صالح هاربًا منهم حتى لجأ إلى بطنٍ من ثمود يُقال لهم: بنو غنم، فنزل على سيِّدهم؛ رجل منهم يُقال له: نفيل، يكنى بأبي هُدْبٍ، وهو مشرك، فغَيَّبَه، فلم يقدروا عليه، فغدوا على أصحاب صالح، فعذَّبوهم لِيَدُلُّوهم عليه، فقال رجل من أصحاب صالح -يقال له: ميدعُ بن هرمٍ-: يا نبيَّ الله، إنّهم لَيُعَذِّبوننا لِنَدُلَّهم عليك، أفَنَدُلُّهم عليك؟ قال: نعم. فدلهم عليه ميدع بن هرم، فلما علموا بمكان صالح أتَوا أبا هدب، فكلَّموه، فقال لهم: عندي صالح، وليس لكم إليه سبيل. فأعرضوا عنه، وتركوه، وشغلهم عنه ما أنزل الله بهم من عذابه، فجعل بعضهم يُخْبِر بعضًا بما يرون في وجوههم حين أصبحوا من يوم الخميس، وذلك أنّ وجوههم أصبحت مصفرة، ثم أصبحوا يوم الجمعة ووجوههم محمرة، ثم أصبحوا يوم السبت ووجوههم مسودة، حتى إذا كان ليلة الأحد خرج صالح من بين أظهرهم ومَن أسلم معه إلى الشام، فنزل رملةَ فلسطين، وتخلَّف رجل من أصحابه يُقال له: ميدعُ بن هرمٍ، فنزل [قُرْحًا]، وهي وادي القرى، وبين القُرْحِ وبين الحِجْر ثمانية عشر ميلًا، فنزل على سيِّدهم؛ رجل يقال له: عمرو بن غُنْمٍ، وقد كان أكل من لحم الناقة، ولم يَشْرَكْ في قتلها، فقال له ميدعُ بن هرمٍ: يا عمرو بن غُنْمٍ، اخرُجْ من هذا البلد، فإن صالحًا قال: من أقام فيه هلك، ومن خرج منه نجا. فقال عمرو: ما شَرِكتُ في عَقْرِها، وما رَضِيتُ ما صُنِع بها. فلمّا كانت صبيحة الأحد أخذتهم الصيحة، فلم يبق منهم صغير ولا كبير إلا هلك، إلا جارية مُقْعَدَة يُقال لها: الزُّريْعة، وهي الكلبةُ ابنةُ السِّلْقِ، كانت كافرةً شديدة العداوة لصالح، فأطلق الله لها رجليها بعدما عاينت العذاب أجمع، فخرجت كأسرع ما يُرى شيء قط، حتى أتت أهل قُرْحَ، فأخبرتهم بما عاينت من العذاب، وما أصاب ثمود منه، ثم استسقت من الماء فسُقيت، فلما شَرِبَت ماتت (١) [٢٥٦٦]. (ز)


[٢٥٦٦] ذكر ابنُ عطية (٣/ ٦٠٠) اختلافًا في أمر الناقة: أجاء بها صالح - عليه السلام - من تلقاء نفسه؟ أم كانت مقترحة عليه؟
ثم رجّح مستندًا إلى آثار السلف أنها كانت مقترحة بقوله: «وهذا ألْيَق بما ورد في الآثار من أمرهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>