ثم انتقد ابنَ جرير (١/ ٧١، ٧٢) في جَعْلِهما بمعنًى واحد، فقال: «وذهب الطبري إلى أن الحمد والشكر بمعنًى واحد، وذلك غير مرضيٌّ، وحُكِي عن بعض الناس أنه قال: الشكر ثناء على الله بأفعاله وإنعامه. والحمد ثناء بأوصافه، ... وهذا أصح معنًى من أنهما بمعنى واحد، واستدل الطبري على أنهما بمعنًى بصحة قولك:» الحمد لله شكرًا «، وهو في الحقيقة دليل على خلاف ما ذهب إليه، لأن قولك: شكرًا، إنما خصصت به الحمد أنه على نعمة من النعم». وانتقده ابنُ كثير (١/ ٢٠٢) كذلك بقوله: «وهذا الذي ادَّعاه ابن جرير فيه نظر؛ لأنه اشتهر عند كثير من العلماء من المتأخرين أن الحمد هو الثناء بالقول على المحمود بصفاته اللازمة والمتعدية، والشكر لا يكون إلا على المتعدية، ويكون بالجنان واللسان والأركان ... ولكنَّهم اختلفوا أيهما أعم، الحمد أو الشكر؟ على قولين، والتحقيق أن بينهما عمومًا وخصوصًا، فالحمد أعم من الشكر من حيث ما يقعان عليه؛ لأنه يكون على الصفات اللازمة والمتعدية، تقول: حَمدته لفروسيته، وحمدته لكرمه. وهو أخص لأنه لا يكون إلا بالقول، والشكر أعم من حيث ما يقعان به؛ لأنه يكون بالقول والعمل والنية، كما تقدم، وهو أخص لأنه لا يكون إلا على الصفات المتعدية، لا يقال: شكرته لفروسيته، وتقول: شكرته على كرمه وإحسانه إليّ، هذا حاصل ما حرره بعض المتأخرين».