للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فبمعصيتهم غضب الله عليهم فجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت. {أولئك شر مكانا} في الدنيا والآخرة، يعني: شر منزلًا من النار، {وأضل عن سواء السبيل} [المائدة: ٦٠] من المؤمنين. يعني: أضل عن قصد السبيل المَهْدِيِّ من المسلمين، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فإذا قال الإمام: {ولا الضالين}. فقولوا: آمين. يجبكم الله». قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قال لي: يا محمد، هذه نجاتك، ونجاة أمتك، ومن اتبعك على دينك من النار» (١). (١/ ٤٢)

٧٩ - عن عبد الله بن عباس -من طرق- قال: {الحمد لله} كلمة الشكر، إذا قال العبد: {الحمد لله} قال الله: شكرني عبدي (٢). (١/ ٥٦)

٨٠ - عن عبد الله بن عباس، قال: الحمد لله هو الشكر، والاستِخْذاءُ لله (٣)، والإقرار بنعمته، وهدايته، وابتدائه وغير ذلك (٤). (١/ ٥٦)

٨١ - عن ابن عباس، قال: قال عمر: قد علمنا سبحان الله، ولا إله إلا الله، فما الحمد لله؟ فقال علي [بن أبي طالب]: كلمة رضيها الله لنفسه، وأحبَّ أن تُقال (٥). (١/ ٥٦)

٨٢ - عن كعب الأحبار -من طريق السَّلُولي- قال: {الحمد لله} ثناء على الله (٦). (١/ ٥٦)

٨٣ - قال مقاتل بن سليمان: {الحمد لله}، يعني: الشكر لله (٧). (ز)

٨٤ - عن محمد بن حرب، قال: قال سفيان الثوري: حمدُ الله ذِكْر وشُكْر، وليس شيء يكون ذِكْرًا وشُكْرًا غيره (٨) [١٤] (١/ ٦٣).


[١٤] رجَّح ابنُ جرير (١/ ١٣٥ - ١٣٦) أنّ الحمد والشكر بمعنًى واحد استنادًا إلى لغة العرب؛ لأن الحمدَ لله قد يُنطَق به في موضع الشكر، وأن الشكر قد يُوضَع موضع الحمد؛ لأنّ ذلك لو لم يكن كذلك لَما جاز أن يقال: «الحمد لله شكرًا»، فيخرج من قول القائل «الحمد لله» مصدر «أشكر»، لأن الشكر لو لم يكن بمعنى الحمد كان خطأً أن يصدر من الحمد غير معناه وغير لفظه. ورجَّح ابنُ عطية (١/ ٧١) أنّ الحمدَ أعمُّ من الشكر.
ثم انتقد ابنَ جرير (١/ ٧١، ٧٢) في جَعْلِهما بمعنًى واحد، فقال: «وذهب الطبري إلى أن الحمد والشكر بمعنًى واحد، وذلك غير مرضيٌّ، وحُكِي عن بعض الناس أنه قال: الشكر ثناء على الله بأفعاله وإنعامه. والحمد ثناء بأوصافه، ... وهذا أصح معنًى من أنهما بمعنى واحد، واستدل الطبري على أنهما بمعنًى بصحة قولك:» الحمد لله شكرًا «، وهو في الحقيقة دليل على خلاف ما ذهب إليه، لأن قولك: شكرًا، إنما خصصت به الحمد أنه على نعمة من النعم».
وانتقده ابنُ كثير (١/ ٢٠٢) كذلك بقوله: «وهذا الذي ادَّعاه ابن جرير فيه نظر؛ لأنه اشتهر عند كثير من العلماء من المتأخرين أن الحمد هو الثناء بالقول على المحمود بصفاته اللازمة والمتعدية، والشكر لا يكون إلا على المتعدية، ويكون بالجنان واللسان والأركان ... ولكنَّهم اختلفوا أيهما أعم، الحمد أو الشكر؟ على قولين، والتحقيق أن بينهما عمومًا وخصوصًا، فالحمد أعم من الشكر من حيث ما يقعان عليه؛ لأنه يكون على الصفات اللازمة والمتعدية، تقول: حَمدته لفروسيته، وحمدته لكرمه. وهو أخص لأنه لا يكون إلا بالقول، والشكر أعم من حيث ما يقعان به؛ لأنه يكون بالقول والعمل والنية، كما تقدم، وهو أخص لأنه لا يكون إلا على الصفات المتعدية، لا يقال: شكرته لفروسيته، وتقول: شكرته على كرمه وإحسانه إليّ، هذا حاصل ما حرره بعض المتأخرين».

<<  <  ج: ص:  >  >>