المكان قالوا: لن نؤمن لك -يا موسى- حتى نرى الله جهرةً، فإنّك قد كلمته؛ فأرِناه. فأخذتهم الصاعقة، فماتوا، فقام موسى يبكي، ويدعو الله، ويقول: ربِّ، ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتُهم وقد أهلكت خيارهم؟! لو شئتَ أهلكتهم من قبل وإياي (١)[٢٦٤٦]. (ز)
٢٩٠٣٥ - عن سعيد بن حيّان -من طريق عوف- قال: إنّ السبعين إنّما أخذتهم الرجفة لأنّهم لم يأمروا بالعجل، ولم يَنْهَوْا عنه (٢). (ز)
٢٩٠٣٦ - عن الفضل بن عيسى ابن أخي الرَّقاشِيِّ: أنّ بني إسرائيل قالوا ذات يوم لموسى: ألستَ ابن عمِّنا ومِنّا، وتزعم أنّك كلَّمت ربَّ العزة؟ فإنّا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرةً. فلمّا أن أبَوْا إلا ذلك أوحى الله إلى موسى: أنِ اختر من قومك سبعين رجلًا. فاختار موسى من قومه سبعين رجلًا خيرة، ثم قال لهم: اخرُجوا. فلمّا برزوا جاءهم ما لا قِبَل لهم به، فأخذتهم الرجفة، قالوا: يا موسى، رُدَّنا. فقال لهم موسى: ليس لي من الأمر شيءٌ، سألتم شيئًا فقد جاءكم. فماتوا جميعًا. قيل: يا موسى، ارجِعْ. قال: ربِّ، إلى أين الرجعة، {رب لو شئتَ أهلكتهم من قبلُ وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} إلى قوله: {فسأكتبُها للذين يتقون} الآية. قال عكرمة: كُتِبتِ الرحمةُ يومئذ لهذه الأمة (٣). (٦/ ٥٩٨)
[٢٦٤٦] قال ابنُ عطية (٤/ ٥٧): «ورُوِي: أنّهم ماتوا في رجفتهم هذه. ويحتمل أن كانت كالإغماء ونحوه». وذكر أنّ موسى - عليه السلام - لما رأى رجفتهم «أسِف عليهم، وعلم أنّ أمر بني إسرائيل سيتشعب عليه إذا لم يأت بالقوم، فجعل يستعطف ربَّه: أيْ ربِّ، لو أهلكتهم قبل هذه الحال وإيّاي لكان أحقَّ عَلَيَّ، وهذا وقتٌ هلاكهم فيه مُفْسِدٌ عليَّ، مؤذٍ لي. ثم استفهم على جهة الرغبة والتضرع والتذلل». وذكر احتمالًا آخر، فقال: «ويحتمل قوله: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أهْلَكْتَهُمْ مِن قَبْلُ وإيّايَ} أن يريد وقتَ إغضائهم على عبادة العجل، أي: وقت عبادتهم -على القول بذلك -، وفي نفسه هو وقت قتله القبطي، أي: فأنت قد سترت وعفوت حينئذ، فكيف الآن إذ رجوعي دونهم فسادٌ لبني إسرائيل». ثم وجَّههما بقوله: «فمنحى الكلام -على هذا- محضُ استعطاف، وعلى التأويل الأول منحاه الإدلاءُ بالحُجَّة في صيغة استعطاف».