للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٩١٦٠ - عن كعب الأحبار، قال: إنّ أبي كان مِن أعلمِ الناسِ بما أنزَلَ اللهُ على موسى، وكان لم يدَّخِرْ عنِّي شيئًا مِمّا كان يعلمُ، فلمّا حضَره الموتُ دعاني، فقال لي: يا بُنيَّ، إنّك قد علمتَ أنِّي لم أدَّخِرْ عنك شيئًا مِمّا كنتُ أعلمُهُ، إلا أنِّي قد حبَستُ عنك ورقتين، فيهما نبيٌّ يُبْعَثُ قد أظلَّ زمانُه، فكرِهتُ أن أُخبِرَ بذلك، فلا آمنُ عليك أن يخرُجَ بعضُ هؤلاء الكذّابين فتطيعَه، وقد جعلتُها في هذه الكَوَّةِ (١) التي تَرى، وطيَّنتُ عليها، فلا تعرِضَنَّ لهما، ولا تنظُرَنَّ فيهما حينَك هذا، فإنّ الله إن يُرِدْ بكَ خيرًا ويخرُجْ ذلك النَّبِيُّ تتَّبعْهُ. ثمَّ إنّه ماتَ، فدفَنّاه، فلم يكن شيءٌ أحبَّ إليَّ مِن أن أنظُرَ في الورقتين؛ ففتَحْتُ الكَوَّةَ، ثم استخْرَجتُ الورقتين، فإذا فيهما: محمدٌ رسول الله، خاتمُ النبيِّين، لا نبيَّ بعدَه، مولدُه بمكَّةَ، ومهاجَرُه بطَيبةَ، لا فظّ، ولا غليظ، ولا سخّابٌ في الأسواقِ، ويَجزي بالسيئةِ الحسنةَ، ويعفو ويصفحُ، أُمَّتُه الحمّادون الذين يحمَدون الله على كلِّ حالٍ، تُذلَّلُ ألسنتُهم بالتكبير، ويُنصَرُ نبيُّهم على كلِّ مَن ناوأهُ، يغسِلونَ فروجَهم، ويأتزرون على أوساطِهم، أناجيلُهم في صدورِهم، وتراحُمُهم بينَهم تراحُمُ بني الدمِ، وهم أوَّلُ مَن يدخل الجنَّةَ يوم القِيامةِ مِن الأمم. فمكثتُ ما شاء الله، ثمَّ بَلَغني: أنّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد خرج بمكَّة، فأخَّرتُ حتى أستثْبِتَ. ثم بلَغني: أنّه تُوُفِّي، وأنّ خليفتَه قد قام مقامَه، وجاءتنا جنوده، فقلتُ: لا أدخُلُ في هذا الدينِ حتى أنظُرَ سيرتَهم وأعمالَهم، فلم أزلْ أُدافِعُ ذلك وأؤخِّرُه لأستثْبِتَ، حتى قدِمَتْ علينا عمّالُ عمر بن الخطّاب، فلمّا رأيتُ وفاءَهم بالعهد، وما صَنَعَ الله لهم على الأعداءِ؛ علمتُ أنّهم هم الذين كنتُ أنتظِرُ، فواللهِ، إنِّي لَذاتَ ليلةٍ فوقَ سطحِي فإذا رجلٌ من المسلمين يتلو قول الله: {يأيُّها الذين أُوتُوا الكتاب آمنوا بما نزَّلنا مصدقًا لما معكم من قبل أن نَّطْمِسَ وُجُوهًا} الآية [النساء: ٤٧]. فلمّا سمعتُ هذه الآية خَشِيتُ ألّا أُصبِحَ حتى يُحوَّلَ وجهي في قفاي، فما كان شيءٌ أحبَّ إلَيَّ من الصباحِ، فغدوتُ على المسلمين (٢). (٦/ ٦١٤)

٢٩١٦١ - عن وهبِ بن منبَّهٍ -من طريق إدريس بن سنان- قال: أوحى الله تعالى إلى أشْعِياءَ: إنِّي باعثٌ نبيًّا أُمِّيًّا، أفتحُ به آذانًا صُمًّا، وقلوبًا غُلفًا، وأعينًا عُميًا، مولدُه بمكة، ومُهاجَرُه بطَيْبةَ، وملكُه بالشامِ، عبديَ المتوكِّلُ، المصطَفى، المرفوعُ، الحبيبُ، المُتَحبِّبُ، المختار، لا يَجزِي بالسيئةِ السيئةَ، ولكن يعفُو ويصفحُ ويغفرُ،


(١) الكَوَّةُ: الخَرْق في الحائط، والثَّقْب في البيت. لسان العرب (كوي).
(٢) عزاه السيوطي إلى أبي نعيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>