٢٩٢٥٦ - عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- في قوله:{وسْئَلْهُمْ عَنِ القَرْيَةِ} الآية، قال: إنّ الله إنّما افْتَرَض على بني إسرائيل اليوم الذي افْتَرَض عليكم؛ يوم الجُمُعةِ، فخالَفوا إلى السبت، فعَظَّموه، وتَرَكوا ما أُمِروا به، فلمّا ابْتَدَعوا السبت ابْتُلُوا فيه، فحُرِّمَت عليهم الحيتان، وهي قريةٌ يقال لها: مَدْيَنُ، بين أيْلَةَ والطُّورِ، فكانوا إذا كان يوم السبتِ شَرَعَتْ لهم الحيتانُ يَنظُرون إليها في البحر، فإذا انقَضى السبتُ ذَهَبَتْ، فلم تُرَ حتى مثلِه مِن السبت المُقْبِل، فإذا جاء السبتُ عادتْ شُرَّعًا. ثم إنّ رجلًا منهم أخذ حُوتًا، فحَزَمه بخَيْطٍ، ثم ضَرَب له وتَدًا في الساحل، ورَبَطَه، وترَكه في الماء، فلَمّا كان الغدُ جاء فأَخَذه، فأكَلَه سِرًّا، ففَعَلوا ذلك وهم يَنظُرون، ولا يَتَناهَوْن إلا بقِيَّةٌ منهم، فَنَهَوْهم، حتى إذا ظهر ذلك في الأسواق عَلانيَةً قالت طائفةٌ للذين يَنْهَونَهم:{لِمَ تَعِظُونَ قَومًا الله مُهلِكُهُم أو مُعَذِبُهُم عَذابًا شَدِيدًا قالوا مَعذِرَةً إلى رَبكُم} في سَخَطِنا أعمالهَم، {ولَعَلَّهُم يَتَّقُونَ}. فكانوا أثلاثًا؛ ثُلُثًا نَهى، وثُلُثًا قالوا: لِمَ تَعِظون؟ وثُلثًا أصحابُ الخطيئةِ، فما نَجا إلا الذين نَهَوْا، وهَلَك سائِرُهم، فأصْبَح الذين نَهَوْا ذاتَ غَداةٍ في مجالسِهم يَتَفَقَّدون الناس لا يَرَوْنَهم، وقد باتوا من ليلتهم وغَلَّقوا عليهم دُورهم، فجَعَلوا يقولون: إنّ للناسِ لَشَأْنًا، فانظُروا ما شَأْنُهم. فاطَّلَعوا في دُورِهم، فإذا القومُ قد مُسِخوا، يَعْرِفون الرَّجل بعينِه وإنّه لقردٌ، والمرأةَ بعيِنها وإنّها لَقِرْدَةٌ (١)[٢٦٦٣]. (٦/ ٦٣٤)
٢٩٢٥٧ - عن عكرمة مولى ابن عباس، قال: جئتُ عبد الله بن عباس يومًا وهو يَبْكي، وإذا المصحفُ في حِجْرِه، فقلتُ: ما يُبْكيك، يا عبد الله بن عباس؟ فقال: هؤلاء الوَرَقاتُ. وإذا في سورةِ الأعراف. قال: تَعْرِفُ أيْلَةَ؟ قلت: نعم. قال: فإنّه كان بها حَيٌّ مِن يهود، سِيقَتِ الحِيتانُ إليهم يوم السبت، ثم غاصَتْ، لا يَقْدِرون عليها حتى يغُوصوا عليها بعدَ كَدٍّ ومُؤْنَةٍ شديدةٍ، وكانت تَأْتيهم يوم السبتِ شُرَّعًا بيضًا سِمانًا، كأنّها الماخِضُ (٢)، فكانوا كذلك بُرْهَةً من الدهرِ، ثم إنّ الشيطانَ أوْحى إليهم، فقال:
[٢٦٦٣] علَّق ابنُ كثير (٦/ ٤٢٨) على أثر بن عباس، فقال: «وهذا إسناد جيِّدٌ عن ابن عباس، ولكن رجوعه إلى قول عكرمة مولى ابن عباس في نجاة الساكتين أوْلى من القول بهذا؛ لأنه تبيَّن حالهم بعد ذلك».