للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إنّما نُهِيتُم عن أكْلِها يوم السبتِ، فخُذُوها فيه، وكُلُوها في غيره من الأيام. فقالت ذلك طائفةٌ منهم، وقالت طائفةٌ: بل نُهِيتم عن أكْلِها وأخْذِها وصَيْدِها في يوم السبت. فَغَدَتْ طائفةٌ بأنفُسِها وأبنائِها ونسائِها، واعْتَزَلَتْ طائفةٌ ذات اليمين وتَنَحَّتْ، واعْتَزَلَتْ طائفةٌ ذات اليسارِ وسَكَتَتْ، وقال الأيمَنُون: ويْلَكم، لا تَتَعَّرضُوا لعقوبة الله. وقال الأيْسَرُون: {لِمَ تَعِظُونَ قَومًا الله مُهلِكُهُم أو مُعَذِبُهُم عَذابًا شَدِيدًا}. قال الأيمَنُون: {مَعذِرَةً إلى رَبِكُم ولَعَلَّهُم يَتَّقُونَ}؛ إن يَنتَهُوا فهو أحَبُّ إلينا ألّا يُصابوا ولا يَهْلِكوا، وإن لم يَنتَهوا فمَعْذِرَة إلى ربِّكم. فمَضَوْا على الخطيئة، وقال الأيمَنُون: قد فعلتُم يا أعداء الله! واللهِ، لَنُبايِنَنَّكُمُ الليلةَ في مدينتكم، واللهِ، ما أراكم تُصْبِحون حتى يُصَبِّحَكم اللهُ بخَسْفٍ أو قَذْفٍ أو بعض ما عنده من العذاب. فلَمّا أصْبَحوا ضَرَبوا عليهم الباب، ونادَوْا، فلم يُجابوا، فوَضَعوا سُلَّمًا، وأعلَوْا سورَ المدينةِ رَجُلًا، فالتَفَتَ إليهم، فقال: أيْ عبادَ الله، قِرَدَةٌ -واللهِ- تَعاوى، لها أذنابٌ! ففتحوا، فدخلوا عليهم، فعَرَفت القِرَدَةُ أنسابَها مِن الإنس، ولا تعرف الإنسُ أنسابَها مِن القِرَدة، فجعَلَتِ القِردةُ تأتي نَسيبَها من الإنس، فتَشَمُّ ثيابه، وتبكي، فيقول: ألم نَنْهكم؟ فتقول برأسِها، أي: نعم. ثم قرأ ابن عباس: {فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِرُوا بِهِ أنجَينا الَّذِينَ يَنْهَونَ عَنِ السُّوءِ وأخَذنا الَّذينَ ظَلَمُوا بِعَذابِ بَئِيسِ}. قال: أليمٍ وجيعِ. قال: فأَرى الذين نَهَوْا قد نَجَوْا، ولا أرى الآخَرين ذُكِروا، ونحن نَرى أشياءَ نُنكِرُها ولا نقول فيها. قلت: إي، جعَلني الله فِداك، ألا تَرى أنّهم قد كَرِهوا ما هم عليه، وخالَفوهم، وقالوا: {لِمَ تَعِظُونَ قَومًا الله مُهلكُهُم}؟ قال: فأَمَر بي، فكُسِيتُ ثوبَيْن غَلِيظَيْن (١). (٦/ ٦٣٤)

٢٩٢٥٨ - عن عبد الله بن عباس -من طريق مجاهد- في قول الله: {حاضِرَةَ البَحْرِ}، قال: حُرِّمت عليهم الحيتان يوم السبت، وكانت تأتيهم يوم السبت شُرَّعًا، بلاء ابْتُلُوا به، ولا تأتيهم في غيره إلا أن يطلبوها، بلاء أيضًا {بما كانوا يفسقون}، فأخذوها يوم السبت استحلالًا ومعصية، فقال الله لهم: {كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ}. إلا طائفةً منهم لم يعتدوا، ونهوهم، فقال بعضهم لبعض: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا} (٢). (ز)

٢٩٢٥٩ - عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح-، مثله (٣). (ز)


(١) أخرجه عبد الرزاق ١/ ٢٤٠، وابن جرير ١٠/ ٥١٥ - ٥١٦، وابن أبي حاتم ٥/ ١٥٩٨، ١٦٠٠، ١٦٠١، والبيهقي في سننه ١٠/ ٩٢.
(٢) أخرجه ابن جرير ١٠/ ٥١٧.
(٣) تفسير مجاهد ص ٣٤٥، وأخرجه ابن أبي حاتم ٥/ ١٥٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>