للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعن قوسِ قُزَحَ، وعن بُقعةٍ طلَعت عليها الشمس مرةً لم تَطلُعْ عليها قبلَها ولا بعدها، وعن ظاعنٍ ظعَنَ مرةً لم يَظعَنْ قبلَها ولا بعدها، وعن شجرة نَبتَتْ بغير ماء، وعن شيءٍ يَتنفَّسُ لا رُوحَ له، وعن اليوم، وأمس، وغدٍ، وبعد غد، ما أجزاؤها في الكلام، وعن البرق والرعد وصوتِه، وعن المجَرَّة، وعن المحَو الذي في القمر. فقيل لمعاوية: لستَ هناك، وإنّك متى تُخطِئْ شيئًا في كتابك إليه يَغْتَمِزْ فيك (١)، فاكتُبْ إلى ابن عباس. فكتَب إليه فأجابَه ابن عباس: أمّا الشيءُ فالماء؛ قال الله: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} [الأنبياء: ٣]. وأما لا شيء فالدنيا تَبِيدُ وتَفنى، وأما الدِّين الذي لا يَقبلُ الله غيرَه فلا إله إلا الله، وأما مِفتاح الصلاة فالله أكبر، وأما غَرْسُ الجنة فلا حول ولا قوة إلا بالله، وأما صلاةُ كلِّ شيء فسبحان الله وبحمده، وأما الأربعة التي فيها الروح ولم يَرْكُضوا في أصلاب الرجال ولا أرحام النساء فآدمُ، وحواء، وعصا موسى، والكَبْشُ الذي فدى الله به إسحاق، وأما الرجلُ الذي لا أبَ له فعيسى ابن مريم، وأما الرجل الذي لا قَومَ له فآدم، وأما القبر الذي جرى بصاحبه فالحوت حيث سار بيونُس في البحر، وأما قوسُ قُزَح فأمانُ الله لعباده مِن الغَرق، وأما البقعةُ التي طلَعت عليها الشمس مَرَّةً ولم تَطلُعْ عليها قبلَها ولا بعدها فالبحر حيث انفَلَق لبني إسرائيل، وأما الظاعِنُ الذي ظعَنَ مرَّةً لم يظعَنْ قبلها ولا بعدها فجبلُ طُور سَيناء؛ كان بينه وبين الأرض المقدَّسة أربعُ ليالٍ، فلمّا عصَتْ بنو إسرائيل أطارَهُ الله بجناحَين من نور فيه ألوان العذاب، فأظلَّه الله عليهم، وناداهم منادٍ: إن قبِلتم التوراةَ كشفتُه عنكم، وإلا ألقيتُه عليكم. فأخذُوا التوراة مُعَذِّرينَ (٢)، فردَّه الله إلى موضِعه، فذلك قوله: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم} إلى آخِر الآية. وأما الشجرة التي نبتَتْ مِن غير ماء فاليقطينة التي أُنبِتَت على يونس، وأما الذي يَتَنفَّسُ بلا رُوح فالصبح؛ قال الله: {والصبح إذا تنفس} [التكوير: ١٨]. وأما اليوم فعملٌ، وأما أمسِ فمَثَلٌ، وأما غدٌ فأجَلٌ، وبعد غدٍ فأملٌ، وأما البرق فمَخارِيقُ (٣) بأيدي الملائكة تَضْرِبُ بها السَّحاب، وأما الرعد فاسم الملَك الذي يَسوقُ السحاب، وصوتُه زجْرُه، وأما المجَرَّةُ فأبواب السماء، ومنها تُفْتحُ الأبواب، وأما المحْو الذي في القمر فقول الله: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل} [الإسراء: ١٢]، ولولا ذلك


(١) يَغْتَمز فيك: يَطْعن فيك. لسان العرب (غمز).
(٢) المعذِّرون: الذين يعتذرون بلا عذر كأنهم المقصرون الذين لا عذر لهم. لسان العرب (عذر).
(٣) المخاريق: جمع مِخراق، وهو آلة تزجر بها الملائكة السحاب وتَسوقه. النهاية (خرق).

<<  <  ج: ص:  >  >>