وانتَقَد ابنُ جرير (١٠/ ٥٦٤ - ٥٦٥) القول الأول، وذكر أنّه يُؤَيِّده حديث عبد الله بن عمرو المرفوع -المتقدم في أول تفسير الآية-، وبيَّن أنه لولا ضعفه لحَكَم بصحة هذا القول. ورجَّح القول الثاني مستندًا إلى ظاهر الآية، فقال: «فالظاهر يدل على أنه خبر من الله عن قيل بني آدم بعضهم لبعض؛ لأنه -جل ثناؤه- قال: {وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا}. فكأنه قيل: فقال الذين شهدوا على المقرين حين أقروا، فقالوا: بلى شهدنا عليكم بما أقررتم به على أنفسكم كيلا تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين». وعلَّق ابنُ عطية (٤/ ٨٦) أنّه على القول الأول يحسن الوقف على {بلى}، وعلى الثاني لا يحسن الوقف عليها. [٢٦٧٩] انتَقَدَ ابنُ تيمية (٣/ ٢٢٢) ما جاء في أثر السدي من أنّهم انقسموا إلى فريقين؛ مطيع، وكافر، ساعة أخذ الميثاق عليهم. لمخالفته الآثار الثابتة في التسوية بين جميع الناس في الإقرار، فقال: «وقيل: هذا الأثر لا يُوثَق به؛ فإن في تفسير السدي أشياء عرف بطلان بعضها، وهو ثقة في نفسه، وأحسن أحوال هذا وأمثاله أن يكون كالمراسيل إن كان مأخوذًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكيف إذا كان مأخوذًا عن أهل الكتاب، ولو لم يكن في هذا إلا معارضة لسائر الآثار التي تتضمن التسوية بين جميع الناس في الإقرار لَكَفى».