ورجَّحَ ابنُ جرير (١٠/ ٦٤٢) القولَ الثالثَ، وهو قول مجاهد من طريق إبراهيم بن أبي حرّة، وجابر، والحسن، وعطاء، وسعيد بن جبير؛ استنادًا إلى السُّنَّة، والإجماع، فقال: «إنّما قلنا ذلك أولى بالصواب لِصِحَّة الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: «إذا قرأ الإمامُ فأنصتوا». وإجماع الجميع على أنّ مَن سمع خطبة الإمام مِمَّن عليه الجمعة؛ الاستماعُ والإنصاتُ لها، مع تتابع الأخبار بالأمر بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنّه لا وقت يجب على أحد استماعُ القرآن والإنصات لسامعه من قارئه إلا في هاتين الحالتين، على اختلاف في إحداهما، وهي حالة أن يكون خلف إمام مؤتم به. وقد صح الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما ذكرنا من قوله: «إذا قرأ الإمامُ فأنصِتوا». فالإنصات خلفه لقراءته واجبٌ على مَن كان به مُؤْتَمًّا سامعًا قراءته، بعموم ظاهر القرآن والخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -». وبنحوه قال ابنُ تيمية (٣/ ٢٤٢). وقال ابنُ عطية (٤/ ١٢٤): «هذه الآيةُ واجبةُ الحكم في الصلاة أن يُنصِت عن الحديث وما عدا القراءة، واجبةُ الحكم أيضًا في الخطبة من السّنّة لا من هذه الآية، ويجب من الآية الإنصاتُ إذا قرأ الخطيب القرآن أثناء الخطبة». وانتَقَدَ ابنُ عطية (٤/ ١٢٣) القولَ الثاني، وهو قول مجاهد من طريق سعيد بن مسروق، والعوّام مستندًا إلى زمن النزول، فقال: «ضعيف؛ لأنّ الآية مكية، والخطبة لم تكن إلا بعد هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة». وذكر (٤/ ١٢٤) أنّ الزجاج قال: «ويجوز أن يكون {فاستمعوا له وأنصتوا}: اعملوا بما فيه، ولا تُجاوِزوه».