للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢٧٨ - عن زيد بن أسلم: {الم} اسم من أسماء القرآن (١) [٣٥]. (ز)

٢٧٩ - عن الربيع بن أنس: في قوله: {الم}، قال: ألف: مفتاح اسمه الله، ولام: مفتاح اسمه لطيف، وميم: مفتاح اسمه مجيد (٢). (١/ ١٢٥)

٢٨٠ - عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر الرازي- في قول الله: {الم}، قال: هذه الأحرف من التسعة والعشرين حرفًا، دارت فيها الألسُن كلها، ليس منها حرفٌ إلا وهو مِفتاح اسم من أسمائه، وليس منها حرف إلا وهو في آلائه وبَلائه، وليس منها حرف إلا وهو في مُدّةِ قوم وآجالهم. وقال عيسى ابن مريم وعجب: ينطقون في أسمائه، ويعيشون في رزقه، فكيف يكفرون به؟! قال: الألف: مفتاح اسمه «الله»، واللام: مفتاح اسمه «لطيف»، والميم: مفتاح اسمه «مجيد». والألف: آلاء الله، واللام: لطفه، والميم: مجده. الألف: سنةٌ، واللام: ثلاثون سنة، والميم: أربعون سنة (٣) [٣٦]. (ز)


[٣٥] وجَّه ابنُ جرير (١/ ٢١٣ - ٢١٥) هذا الأثر بتوجيهين: الأول: أن {ألم} اسم للقرآن، فيكون تأويل {ألم ذَلِكَ الكِتابُ} على معنى القسم، كأنه قال: والقرآن، هذا الكتاب لا ريب فيه. الثاني: أنه اسمٌ من أسماء السورة التي تُعرف به، فيَفهم السامع من القائل يقول: قرأت اليوم {ألمص}، {ن}، أيَّ السُّوَر التي قرأها من سُوَر القرآن. ووجَّهه ابنُ كثير (١/ ٢٥١) بقوله: «ولعلَّ هذا يرجع إلى معنى قول عبد الرحمن بن زيد: أنّه اسم من أسماء السور، فإنّ كل سورة يُطْلَق عليها اسم القرآن، فإنه يبعد أن يكون {ألمص} اسمًا للقرآن كله؛ لأن المتبادر إلى فهم سامع من يقول: قرأت {ألمص}. إنما ذلك عبارة عن سورة الأعراف، لا لمجموع القرآن».
[٣٦] بيَّن ابنُ جرير (١/ ٢١٨ - ٢٢٠) أنّ القائلين بذلك وجَّهوا ذلك إلى أنّ كلَّ حرف من الحروف المقطعة بعضُ حروفِ كلمةٍ تامة استُغْنِيَ بدلالته عَلى تَمامه عن ذكر تمامه، وإنما أُفْرِد كلُّ حرف من ذلك، وقصَّر به عن تمام حروف الكلمة، أنّ جميعَ حُروف الكلمة لو أُظْهِرت لم تدلّ الكلمة التي تُظهر إلا على معنى واحد، لا على معنيين وأكثر منهما، وإذا كان الله -جل ثناؤه- قد أراد الدلالة بكلّ حرف منها على معانٍ كثيرة لشيء واحد لم يَجُز إلا أن يُفرَد الحرفُ الدالُّ على تلك المعاني، لِيَعلمَ المخاطبون به أنّ الله - عز وجل -لم يقصد بما خاطبهم به مَعنًى واحدًا، وإنما قصد الدلالةَ به على أشياء كثيرة.
وانتقد ابنُ كثير (١/ ٢٥٣ - ٢٥٤ بتصرف) هذا التوجيه بقوله: «هذا ليس كما ذكره أبو العالية -يعني الأثر السابق-، فإنّ أبا العالية زعم أنّ الحرف دلَّ على هذا، وعلى هذا، وعلى هذا معًا ... ، ودلالة الحرف الواحد على اسم يمكن أن يدل على اسم آخر من غير أن يكون أحدهما أولى من الآخر في التقدير أو الإضمار بوضع ولا بغيره، فهذا مما لا يُفْهَم إلا بتوقيف، والمسألة مختلف فيها، وليس فيها إجماع حتى يُحكَم به».

<<  <  ج: ص:  >  >>