للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مع النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا نبي الله، والله ما منعنا أن نصنع كما صنع هؤلاء، وأن نتبعهم ضعف بنا ولا تقصير، ولكن كرهنا أن يُغَرَّ بك وندعك وحدك. قال: فتَمارَوْا في ذلك، فأنزل الله تبارك وتعالى: {يسألونك عن الأنفال}. ثم أخبر الله تعالى بمواضعها، فقال: {واعلموا أنما غنمتم من شيء، فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى} [الأنفال: ٤١] الآية (١). (ز)

٣٠٠٤٣ - قال محمد بن السائب الكلبي: بلَغَنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما صافَّ المشركين يوم بدر، قال -لِيُحَرِّض الناس على القتال-: «إن الله وعدني أن يفتح لي بدرًا، وأن يغنمني عسكرهم؛ فمن قتل قتيلًا فله كذا وكذا من غنيمتهم -إن شاء الله-». فلما تَوافَدُوا أدخل الله في قلوب المشركين الرُّعب، فانهزموا، فأتبعهم سَرَعانٌ (٢) من الناس؛ فقتلوا سبعين، وغنموا العسكر وما فيه، وأقام وجوه الناس مع رسول الله في مَصافِّه، فلم يشُذَّ عنه منهم أحد، ثم قام أبو اليَسَر بن عمرو الأنصاري من بني سلمة فكَلَّم رسول الله، فقال: يا رسول الله، إنك وعدت من قتل قتيلًا أو أسر أسيرًا من غنيمة القوم الذي وعدتهم، وإنا قتلنا سبعين، وأسرنا سبعين. ثم قام سعد بن معاذ، فقال: يا رسول الله، إنه ما منعنا أن نطلب كما طلب هؤلاء زهادة في الأجر، ولا جبن عن العدو، ولكنا خفنا أن نُعَرِّي صَفَّك فتعطف عليك خيل المشركين. فأعرض عنهما رسول الله. ثم قال أبو اليَسَر مثل كلامه الأول، وعاد سعد فتكلم مثل كلامه الأول. وقال: يا رسول الله، الأسارى والقتلى كثير، والغنيمة قليلة، وإن تُعْطِ هؤلاء الذي ذكرت لهم لم يَبْقَ لسائر أصحابك كبير شيء. فنزلت هذه الآية: {يسألونك عن الأنفال} فقسمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار (٣). (ز)

٣٠٠٤٤ - قال مقاتل بن سليمان: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفالِ} وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم بدر: «إن الله وعدني النصر أو الغنيمة، فمن قتل قتيلًا، أو أسر أسيرًا فله من عسكرهم كذا وكذا -إن شاء الله-، ومن جاء برأس فله غُرَّة». فلما تواقعوا انهزم المشركون وأَتْبَعَهُم سَرَعانُ الناس، فجاءوا بسبعين أسيرًا، وقتلوا سبعين رجلًا، فقال أبو اليَسَر الأنصاري: أعطِنا ما وعدتنا من الغنيمة. وكان قَتَل رجلين، وأَسَر رجلين؛


(١) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ٥/ ٢٣٩ (٩٤٨٤)، وفي تفسيره ٢/ ١١١ (٩٨٩).
(٢) السَّرَعان -بفتح السين والراء، ويجوز تسكين الراء-: أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشيء ويُقْبِلون عليه بسُرْع. النهاية (سرع).
(٣) أورده يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٢/ ١٦٤ - ١٦٥ - .

<<  <  ج: ص:  >  >>