عليه، فكذلك النفل الذي أحله الله للمؤمنين من أموال عدوهم، إنما هو شيء خصهم الله به تَطَوُّلًا منه عليهم، بعد أن كانت الغنائم محرمة على الأمم قبلهم، فنَفَّلها الله هذه الأمة، فهذا أصل النفل [٢٧٣٩]، وبه سمي ما جعل الإمام للمقاتلة نفلًا، وهو تفضيله بعض الجيش على بعض بشيء سوى سهامهم، يفعل ذلك على قدر الغَناءُ عن الإسلام، والنكاية في العدو.
وفي النفل الذي ينفله الإمام سُنَنٌ أربع، لكل واحدة منهن موضع غير موضع الأخرى.
فإحداهن: في النفل لا خمس فيه، وذلك السَّلَب.
والثانية: النفل الذي يكون من الغنيمة بعد إخراج الخمس، وهو أن يوجه الإمام السرايا في أرض الحرب فتأتي بالغنائم، فيكون للسرية مما جاءت به الربع والثلث بعد الخمس.
والثالثة: في النفل من الخمس نفسه، وهو أن تُحازَ الغنيمةُ كلُّها، ثم تُخَمَّسَ، فإذا صار الخُمُس في يدي الإمام نَفَّل منه على قدر ما يرى.
والرابعة: في النفل في جملة الغنيمة قبل أن يُخَمَّسَ منها شيء، وهو أن تُعطى الأدِلّاءُ (١) ورِعاءُ الماشِيَةِ والسُّوّاقُ (٢) لها، وفي كل ذلك اختلاف =
٣٠٠٨٤ - قال الربيع بن سليمان: قال الشافعي: الأنفال: أن لا يَخْرُجَ من رأس الغنيمة قبل الخُمُسِ شيءٌ غيرُ السَّلَبِ. (٣) والوجه الثاني من النفل: هو شيء زيدوه غير الذي كان لهم، وذلك من خُمُس النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن له خُمُس الخُمُس من كل غنيمة، فينبغي للإمام أن يجتهد، فإذا كثر العدو، واشتدت شوكتهم، وقَلَّ مَن بإزائه مِنَ المسلمين؛ نَفَّل منه اتِّباعًا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإذا لم يكن ذلك لم يُنَفِّل.
والوجه الثالث من النفل: إذا بعث الإمام سَرِيًّة أو جيشًا فقال لهم قبل اللقاء: من
[٢٧٣٩] علَّقَ ابنُ كثير (٧/ ٦) على هذا بقوله: «شاهد هذا في الصحيحين عن جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي» فذكر الحديث، إلى أن قال: «وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي»، وذكر تمام الحديث».