ونقل ابنُ عطية (١/ ٩٩ - ١٠١) اختلافًا في التكلم في تفسير الحروف المقطعة، أو الامتناع عن تفسيرها، ثم قال: «والصواب ما قاله الجمهور: أن تُفَسَّر هذه الحروف، ويُلْتَمَس لها التأويل». وعلَّق ابنُ كثير (١/ ٢٥٥ - ٢٥٧)، فقال: «ولم يُجمِع العلماء فيها على شيء معين، وإنما اختلفوا، فمَن ظهر له بعض الأقوال بدليلٍ فعليه اتِّباعه، وإلا فالوقف حتى يتبين». وفي بيان الحكمة من إيراد هذه الحروف في أوائل السور نقل ابنُ كثير (١/ ٢٥٧) قولَ مَن قال: «إنما ذُكِرَت هذه الأحرف في أوائل السور التي ذُكِرَت فيها بيانًا لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنه تركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها». ثم رجَّح ذلك بقوله: «ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن، وبيان إعجازه وعظمته، وهذا معلوم بالاستقراء، وهو الواقع في تسع وعشرين سورة، ولهذا يقول تعالى: {ألم * ذَلِكَ الكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: ١ - ٢]، {الم (١) اللَّهُ لا إلَهَ إلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ (٢) نزلَ عَلَيْكَ الكِتابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ} [آل عمران: ١ - ٣]، {المص (١) كِتابٌ أُنزلَ إلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنهُ} [الأعراف: ١ - ٢]، {الر كِتابٌ أنزلْناهُ إلَيْكَ لِتُخْرِجَ النّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ بِإذْنِ رَبِّهِمْ} [إبراهيم: ١] ... وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤلاء لِمَن أمْعَن النظر».