نزلت في أبي لُبابة بن عبد المنذر، نسخَتْها الآيةُ التي في براءة:{وآخرون اعترفوا بذنوبهم}[التوبة: ١٠٢](١)[٢٧٨٥].
(٧/ ٩١)
٣٠٥٩٥ - عن محمد بن السائب الكلبي: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعَث أبا لُبابة إلى قُرَيْظَة، وكان حليفًا لهم، فأومأ بيده؛ أي: الذَّبْحَ، فأنزَل الله:{يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون}. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمرأةِ أبي لبابة:«ما شأنُه؟ أيُصَلِّي ويصومُ ويغتسلُ مِن الجنابة؟». فقالت: إنه ليُصلِّي، ويصوم، ويغتسل من الجنابة، ويحبُّ الله ورسولَه. فبعَث إليه، فأتاه، فقال: يا رسول الله، والله، إني لأصلِّي، وأصوم، وأغتسلُ من الجنابة، وإنما بَهَشتُ (٢) إلى النساء والصبيان فرقَقتُ لهم، ما زالت في قلبي حتى عرَفْتُ أني خُنْتُ الله ورسولَه (٣). (٧/ ٩١)
٣٠٥٩٦ - قال مقاتل بن سليمان:{يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ والرَّسُولَ}، يعني: أبا لُبابة، وفيه نزلت هذه الآية -نظيرها فى المُتَحَرِّمِ (٤){فَخانَتاهُما}[التحريم: ١٠]، يعني: فخالفتاهما في الدين، ولم يكن في الفَرْج-، واسمه مروان بن عبد المنذر الأنصاري، من بني عمرو بن عوف، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة، فسألوا الصُّلْح على مثل صُلْح أهل النَّضِير على أن يسيروا إلى إخوتهم إلى أذْرِعاتٍ وأَرِيحا في أرض الشام، وأبى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينزلوا إلا على الحُكْم، فَأَبَوْا، وقالوا: أرْسِل إلينا أبا لُبابَة. وكان مناصحَهم، وهو حليف لهم، فبعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم، فلما أتاهم قالوا: يا أبا لُبابة، أننزل على حكم محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ فأشار أبو لُبابة بيده إلى حلقه: إنّه الذبح؛ فلا تنزلوا على الحكم. فأطاعوه، وكان أبو لُبابة وولده معهم، فغَشَّ المسلمين وخان؛ فنزلت في أبي لبابة:{يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ والرَّسُولَ}(٥). (ز)
[٢٧٨٥] رجَّح ابن كثير (٧/ ٥٦) مستندًا إلى دلالة العموم بأن «الآية عامة، وإن صَحَّ أنها وردت على سبب خاص، فالأخذ بعموم اللفظ لا بخصوص السبب عند الجماهير من العلماء. والخيانة تعم الذنوب الصغار والكبار، اللازمة والمتعدية».