للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال الشيطان: بِئْسَما رأى هذا، هو قد كاد أن يُفْسِدَ فيما بينكم وهو بين أظهُرِكم، فكيف إذا أخْرَجتُموه فأَفْسَد الناس، ثم حَمَلهم عليكم يُقاتِلونكم؟! قالوا: نِعْمَ ما رأى هذا الشيخ. فقال قائل آخر: فإنِّي أرى أن تجعلوه في بيتٍ، وتُطَيِّنوا عليه بابَه، وتَدَعوه فيه حتى يموت. فقال الشيطان: بِئْسَما رأى هذا، فتَرى قومَه يَتْرُكونه فيه؟! لا بُدَّ أن يغضبوا له فيُخرِجوه. فقال أبو جهل: فإني أرى أن تُخرِجوا من كلِّ قبيلة رجلًا، ثم يأخذوا أسيافَهم، فيَضرِبونه ضربةً واحدة، فلا يُدرى مَن قتَله، فتَدُونَه (١). (ز)

فقال الشيطان: نِعْمَ ما رأى هذا. فأطلع الله نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - على ذلك؛ فخرج هو وأبو بكر إلى غارٍ في جبل يقال له: ثَوْر. وقام عَلِيٌّ عَلى فراش النبي - صلى الله عليه وسلم -، وباتوا يَحْرُسونه يحسَبون أنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أصبحوا ثاروا إليه، فإذا هم بعليٍّ، فقالوا: أين صاحبك؟ فقال: لا أدري. فاقْتَصُّوا أثَرَه حتى بلَغُوا الغار، ثم رجَعوا، ومكث فيه هو وأبو بكر ثلاث ليالٍ (٢). (٧/ ٩٩)

٣٠٦٦٠ - عن إسماعيل السُّدِّي -من طريق أسباط -: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}، قال: اجتمعت مَشْيَخَةُ قريش يتشاورون في النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ما أسْلَمَت الأنصار، وفَرِقُوا (٣) أن يَتَعالى أمرُه إذا وجَد مَلْجَأً لَجَأَ إليه. فجاء إبليس في صورة رجل من أهل نجد، فدخل معهم في دار النَّدْوَة، فلَمّا أنكروه قالوا: من أنت؟! فوالله ما كلّ قومنا أعْلَمْناهم مَجْلِسَنا هذا. قال: أنا رجل من أهل نجد، أسمع من حديثكم، وأُشِير عليكم. فاستحيوا، فخَلّوا عنه. فقال بعضهم: خذوا محمدًا إذا اصطبح على فراشه، فاجعلوه في بيت نتربص به رَيْبَ المَنُون -والرَّيْب: هو الموت، والمَنُون: هو الدهر-. قال إبليس: بِئْسَما قلتَ، تجعلونه في بيت فيأتي أصحابه فيخرجونه؛ فيكون بينكم قتال، قالوا: صدق الشيخ. قال: أخْرِجوه من قريتكم. قال إبليس: بِئْسَما قلتَ، تخرجونه من قريتكم وقد أفْسَد سفهاءكم، فيأتي قريةً أخرى فيفسد سفهاءهم، فيأتيكم بالخيل والرجال. قالوا: صدق الشيخ. قال أبو جهل -وكان أوْلاهم بطاعة إبليس-: بل نَعْمِدُ إلى كل بَطْن من بُطُون قريش، فنُخْرِج منهم رَجُلًا، فنعطيهم السلاح، فيَشِدُّون


(١) أي: تعطون ديته. النهاية (ودا).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٩٧٤٣). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. كما أخرجه ابن جرير ١١/ ١٣٦ بنحوه مختصرًا جدًّا. مرسلًا.
(٣) أي: فزعوا. النهاية (فرق).

<<  <  ج: ص:  >  >>