على محمد جميعًا، فيضربونه ضربة رجل واحد، فلا يستطيع بنو عبد المطلب أن يقتلوا قريشًا، فليس لهم إلا الدِّيَة. قال إبليس: صدق هذا الفتى، هو أجْوَدُكم رأيًا. فقاموا على ذلك، وأخبر اللهُ رسولَه - صلى الله عليه وسلم -، فنام على الفراش، وجعلوا عليه العيون. فلما كان في بعض الليل، انطلق هو وأبو بكر إلى الغار، ونام عليُّ بن أبي طالب على الفراش، فذلك حين يقول الله:{ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك}. والإثْبات: هو الحبس والوَثاق، وهو قوله:{وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا}[الإسراء: ٧٦]، يقول: يهلكهم. فلَمّا هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة لَقِيَه عمر، فقال له: ما فَعَل القوم؟ وهو يرى أنهم قد أُهْلِكوا حين خَرَج النبي - صلى الله عليه وسلم - من بين أظْهُرهم، وكذلك كان يُصْنَع بالأمم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أُخِّرُوا بالقتال»(١). (ز)
٣٠٦٦١ - قال محمد بن السائب الكلبي:{وإذ يمكر بك الذين كفروا} الآية، بَلَغَنا: أنّ عِصابة من قريش اجتمعوا في دار النَّدْوَة يمكرون بنبي الله، فدخل معهم إبليس، عليه ثياب، له أظفار، في صورة شيخ كبير، فجلس معهم، فقالوا: ما أدْخَلَك في جماعتنا بغير إذننا؟ فقال لهم: أنا رجل من أهل نجد، قدمت مكة، فأحببت أن أسمع من حديثكم، وأقتبس منكم خيرًا، ورأيت وجوهكم حسنة وريحكم طيبة؛ فإن أحببتم جلست معكم، وإذا كرهتم مجلسي خرجت. فقال بعضهم لبعض: هذا رجل من أهل نجد ليس من أهل تهامة، فلا بأس عليكم منه تتكلموا بالمكر بنبي الله، فقال البَخْتَرِيُّ بنُ هشام -أحد بني أسَد بن عبد العُزّى-: أمّا أنا فأرى لكم من الرَّأْي أن تأخذوا محمدًا، فتجعلوه في بيت، ثم تَسُدُّوا عليه بابَه، وتجعلوا فيه كُوَّة يُدْخَل إليه منها طعامه وشرابه، ثم تَذَرُوه فيه حتى يموت، فقال القوم: نِعْمَ الرَّأْيُ رَأَيْتَ. فقال إبليس: بِئْسَ الرَّأْيُ رَأَيْتُم، تعمدون إلى رجل له فيكم صَغْوٌ، وقد سَمِع به من حولكم، فتحبسونه، وتطعمونه وتسقونه، فيوشك الصَّغْوُ الذي له فيكم أن يقاتلوكم عليه، فتفسد فيه جماعتكم، وتسفك فيه دماؤكم. فقالوا: صدق والله. ثم تكلم أبو الأسود -وهو هاشم بن عمير بن ربيعة أحد بني عامر بن لؤي- فقال: أمّا أنا، فأرى أن تحملوا محمدًا على بعير، ثم تُخْرِجوه من أرضكم، فيذهب حيث شاء، ويليه غيركم. فقالوا: نِعْمَ الرَّأْيُ رَأَيْت. فقال إبليس: بِئْسَ الرَّأْيُ رأيتم، تعمدون إلى