للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رجل أفسد جماعتكم، واتَّبَعَتْه منكم طائفة، فتخرجونه إلى غيركم، فيأتيهم فيفسدهم كما أفسدكم، يوشك والله أن يميل بهم عليكم. قالوا: صدق والله. ثم تكلم أبو جهل، فقال: أمّا أنا فأرى من الرَّأْيِ أن تأخذوا من كل بطنٍ من قريش رجلًا، ثم تُعْطُوا كلَّ رجل منهم سيفًا، فيأتونه فيضربونه جميعًا، فلا يدري قومُه مَن يَأْخُذُون به، وتُودِي قريش دِيَتَه. فقال إبليس: صدق والله هذا الشاب؛ إن الأمر لكَما قال. فاتَّفَقُوا على ذلك، فنزل جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، وأمره بالخروج، فخرج من ليلته إلى المدينة، فدخل الغار. قال الله: {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} (١). (ز)

٣٠٦٦٢ - قال مقاتل بن سليمان: {وإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} وذلك أن نفرًا من قريش؛ منهم أبو جهل بن هشام، وعُتْبَة بن ربيعة، وهشام بن عمرو، وأبو البَخْتَرِيِّ بن هشام، وأُمَيَّة بن خلف، وعُقْبَة بن أبى مُعَيْط، وعُيَيْنَة بن حِصْن الفزاري، والوليد بن المغيرة، والنَّضْر بن الحارث، وأُبَيّ بن خلف، اجتمعوا في دار الندوة بمكة [يومًا]-وهو يوم السبت-؛ ليمكروا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتاهم إبليس في صورة رجل شيخ كبير، فجلس معهم. فقالوا: ما أدْخَلَك في جماعتنا بغير إذننا؟ قال: إنَّما أنا رجل من أهل نجد، ولست من أهل تهامة، قدمت مكة، فرأيتكم حسنة وجوهكم، طيّبة ريحكم، نَقِيَّة ثيابكم، فأحببت أن أسمع من حديثكم، وأستر عليكم، فإن كرهتم مجلسي خرجت من عندكم. فقالوا: هذا رجل من أهل نجد، وليس من أهل تهامة؛ فلا بأس عليكم منه، فتَعَمَّلوا بالمكر بمحمد. فقال أبو البَخْتَرِيِّ بن هشام من بني أسد بن عبد العُزّى: أما أنا فرأيي أن تأخذوا محمدًا فتجعلوه في بيت، وتَسُدُّوا بابَه، وتَدَعُوا له كُوَّة يُدْخَل منها طعامه وشرابه حتى يموت. قال إبليس: بِئْسَ والله الرأَّيُ رأيتم، تعمدون إلى رجل له فيكم صَغْوٌ قد سمع به من حولكم فتحبسونه، فتطعمونه وتسقونه، فيوشك الصَّغْوُ الذي له فيكم أن يقاتلكم عليه، فيفسد جماعتكم، ويسفك دماءكم. فقالوا: صدق والله الشيخ. فقال هشام بن عمرو من بني عامر بن لُؤَيّ: أمّا أنا فرأيي أن تحملوا محمدًا على بعير، فيُخْرَج من أرضكم، فيَذْهَب حيث شاء، ٣ ويليه غيرُكم. قال إبليس: بِئْسَ والله الرأيُ رأيتم، تعمدون إلى رجل قد شَتَّت وأفسد جماعتكم، واتَّبعه منكم طائفة، فتُخرجوه إلى غيركم، فيفسدهم كما أفسدكم،


(١) ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٢/ ١٧٤ - ١٧٥ - .

<<  <  ج: ص:  >  >>