للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيوشك والله أن يُقْبِل بهم عليكم، ويتولى الصَّغْوُ الذي له فيكم. قالوا: صدق والله الشيخ. فقال أبو جهل بن هشام المخزومي: أما أنا فرأيي أن تعمدوا إلى كل بطن من قريش، فتأخذوا من كل بَطْن رجلًا، ثم تُعْطُوا كلَّ رجل منهم سيفًا، فيضربونه جميعًا بأسيافهم، فلا يدري قومُه من يأخذون به، وتُؤَدِّي قريشٌ دِيَتَه. قال إبليس: صدق والله الشاب، إن الأمر لَكَما قال. فتَفَرَّقوا على قول أبي جهل، فنزل جبريل - عليه السلام -، فأخبره بما ائتمر به القوم، وأمره بالخروج، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من ليلته إلى الغار، وأنزل الله - عز وجل -: {وإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} (١). (ز)

٣٠٦٦٣ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك} إلى آخر الآية، قال: اجْتَمَعوا، فتَشاوَرُوا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: اقتلوا هذا الرجل. فقال بعضهم: لا يقتله رجل إلا قُتِل به. قالوا: خذوه فاسجنوه، واجعلوا عليه حديدًا. قالوا: فلا يدعكم أهلُ بيته. قالوا: أخْرِجُوه. قالوا: إذًا يَسْتَغْوِي الناسَ عليكم. قال: وإبليس معهم في صورة رجلٍ من أهل نجد، واجتمع رأيُهم أنّه إذا جاء يطوف البيت ويستلم أن يجتمعوا عليه فَيَغُمُّوهُ (٢) ويقتلوه، فإنه لا يدري أهلُه مَن قتله، فيرضون بالعَقْل، فنقتله ونستريح ونَعْقِله. فلَمّا أن جاء يطوف بالبيت اجتمعوا عليه، فَغَمَّوهُ، فأتى أبو بكر، فقيل له ذاك، فأتى فلم يجد مدخلًا، فلَمّا أن لم يجد مدخلًا قال: {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم} [غافر: ٢٨]؟ قال: ثم فَرَّجَها اللهُ عنه، فلَمّا أن كان الليل أتاه جبريل - عليه السلام -، فقال: مَن أصحابُك؟ فقال: فلان، وفلان، وفلان. فقال: لا، نحن أعلم بهم منك يا محمد، هو ناموس ليل. قال: وأُخِذَ أولئك من مضاجعهم وهم نيام، فأُتِي بهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقَدِم أحدُهم إلى جبريل، فكَحَلَه، ثم أرسله، فقال: ما صورته، يا جبريل؟ قال: كُفِيتَه، يا نبي الله. ثم قدم آخر، فنَقَر فوق رأسه بِعَصًا نقرةً، ثم أرسله، فقال: ما صورته، يا جبريل؟ فقال: كُفِيتَه يا نبي الله. ثم أُتِيَ بآخر، فنقر في ركبته، فقال: ما صورته، يا جبريل؟ قال: كُفِيتَه. ثم أُتِي بآخر، فسقاه مَذْقَةً (٣)، فقال: ما صورته، يا جبريل؟ قال: كُفِيتَه، يا نبي الله. وأُتِيَ بالخامس، فلما غَدا من بيته مَرَّ بنِبالٍ، فتَعَلَّق مِشْقَصٌ (٤) برِدائِه فالتَوى، فقطع


(١) تفسير مقاتل بن سليمان ٢/ ١١٠ - ١١٢.
(٢) أي: يُغَطُّوه. اللسان (غم).
(٣) المَذْقَة: الشربَةُ من اللبن المَمْذُوق. النهاية (مذق).
(٤) المِشْقَص: نَصْلُ السهم إذا كان طويلًا غير عريض. النهاية (شقص).

<<  <  ج: ص:  >  >>