للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ألفين، فإنهم إن صبروا لهم غلبوهم (١). (ز)

٣١٣٤٦ - عن زيد بن أسلم -من طريق القاسم- أنّه قال: وقال في سورة الأنفال: {إنْ يَكُنْ مِنكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وإنْ يَكُنْ مِنكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا ألْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ}، ثم نُسخت بالآية التي تليها، فقال: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وعَلِمَ أنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإنْ يَكُنْ مِنكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وإنْ يَكُنْ مِنكُمْ ألْفٌ يَغْلِبُوا ألْفَيْنِ بِإذْنِ اللَّهِ واللَّهُ مَعَ الصّابِرِينَ} (٢) [٢٨٦٨]. (ز)


[٢٨٦٨] رجَّح ابنُ جرير (١١/ ٢٦٨ - ٢٦٩) القول بالنسخ مستندًا إلى دلالة العقل، ووجود التعارض، فقال: «وهذه الآية، وإن كان مخرجها مخرج الخبر، فإن معناها الأمر، يدل على ذلك قوله: {الآن خفف الله عنكم}، فلم يكن التخفيف إلا بعد التثقيل، ولو كان ثبوت العشرة منهم للمائة من عدوهم كان غير فرض عليهم قبل التخفيف وكان ندْبا لم يكن للتخفيف وجْه؛ لأن التخفيف إنما هو ترخيص في ترك الواحد من المسلمين الثبوت للعشرة من العدو، وإذا لم يكن التشديد قد كان له متقدمًا لم يكن للترخيص وجه؛ إذ كان المفهوم من الترخيص إنما هو بعد التشديد. وإذ كان ذلك كذلك فمعلوم أنّ حكم قوله: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا} ناسخ لحكم قوله: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا}، وقد بَيَّنّا أنّ كل خبر من الله وعَدَ فيه عباده على عملٍ ثوابًا وجزاءً، وعلى تركه عقابًا وعذابًا، وإن لم يكن خارجًا ظاهره مخرج الأمر، ففي معنى الأمر».
وبنحوه قال ابنُ عطية (٤/ ٢٣٦)، وذكر أنّه رُوِي عن ابن عباس أن ثبوت الواحد للعشرة إنما كان على جهة ندْب المؤمنين إليه، ثم حُطَّ ذلك حين ثقل عليهم إلى ثبوت الواحد للاثنين، وأن كثيرًا من المفسرين قال: وهذا تخفيف لا نسخ؛ إذ لم يستقر لفرض العَشرة حكم شرعي، وذكر قولًا لمكي بأن قوله: {الآن خفف ... } إنما هو كتخفيف الفطر في السفر، وهو لو صام لم يأثم وأجزأه. ثم انتقد القول بعدم النسخ مستندًا إلى النظائر، فقال: «وفي هذا نظر، ولا يمتنع كون المنسوخ مباحًا من أن يقال: نُسخ، واعْتبر ذلك في صدقة النّجوى، وهذه الآية التخفيف فيها نسخ للثبوت للعشرة، وسواء كان الثبوت للعشرة فرضًا أو ندبًا هو حكم شرعي على كل حال، وقد ذكر القاضي ابن الطيب أنّ الحكم إذا نسخ بعضه أو بعض أوصافه أو غير عدده فجائز أن يقال له نسخ؛ لأنه حينئذ ليس بالأول، وهو غيره، وذكر في ذلك خلافًا. والذي يظهر في ذلك أن النسخ إنما يقال حينئذ على الحكم الأول مقيدًا لا بإطلاق، واعتبر ذلك في نسخ الصلاة إلى بيت المقدس».

<<  <  ج: ص:  >  >>