وبنحوه قال ابنُ عطية (٤/ ٢٣٦)، وذكر أنّه رُوِي عن ابن عباس أن ثبوت الواحد للعشرة إنما كان على جهة ندْب المؤمنين إليه، ثم حُطَّ ذلك حين ثقل عليهم إلى ثبوت الواحد للاثنين، وأن كثيرًا من المفسرين قال: وهذا تخفيف لا نسخ؛ إذ لم يستقر لفرض العَشرة حكم شرعي، وذكر قولًا لمكي بأن قوله: {الآن خفف ... } إنما هو كتخفيف الفطر في السفر، وهو لو صام لم يأثم وأجزأه. ثم انتقد القول بعدم النسخ مستندًا إلى النظائر، فقال: «وفي هذا نظر، ولا يمتنع كون المنسوخ مباحًا من أن يقال: نُسخ، واعْتبر ذلك في صدقة النّجوى، وهذه الآية التخفيف فيها نسخ للثبوت للعشرة، وسواء كان الثبوت للعشرة فرضًا أو ندبًا هو حكم شرعي على كل حال، وقد ذكر القاضي ابن الطيب أنّ الحكم إذا نسخ بعضه أو بعض أوصافه أو غير عدده فجائز أن يقال له نسخ؛ لأنه حينئذ ليس بالأول، وهو غيره، وذكر في ذلك خلافًا. والذي يظهر في ذلك أن النسخ إنما يقال حينئذ على الحكم الأول مقيدًا لا بإطلاق، واعتبر ذلك في نسخ الصلاة إلى بيت المقدس».