للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بمكةَ؛ من أجلِ سِقايَتِه، فأَذِن له (١). (٧/ ٢٧٤)

٣١٩٣٧ - عن علي بن أبي طالب -من طريق عبد الله بن زُرَيْر- قال: قال عبد المطلب: إنِّي لَنائم في الحِجْرِ إذ أتاني آتٍ، فقال: احفِرْ طَيبَةَ. قلتُ: وما طَيبةُ؟ فذهب عنِّي، فلمّا كان مِن الغد رجعتُ إلى مَضجَعي، فنِمتُ فيه، فجاءني، فقال: احفِرْ زمزم. فقلتُ: وما زمزم؟ قال: لا تنزِفُ ولا تُذَمُّ، تَسْقى الحجيج الأعظم، عند قرية النمل. قال: فلمّا أبان له شأنَها، ودُّلَّ على موضعها، وعرف أن قد صُدِق؛ غدا بِمعْوَلِه ومعه ابنُه الحارث، ليس له يومئذ غيره، فحفر، فلما بدا لعبد المطلب الطيُّ (٢) كبرَّ، فعرفت قريش أنّه قد أدرك حاجته، فقاموا إليه، فقالوا: يا عبدَ المطلب، إنّها بئر إسماعيل، وإنّ لنا فيها حقًّا، فأشْرِكْنا معك فيها. فقال: ما أنا بفاعِل، إنّ هذا الأمرَ خُصِصْتُ به دونكم، وأُعطِيتُه من بينِكم. قالوا: فأنصِفْنا، فإنّا غيرُ تاركيك حتى نحاكمك. قال: فاجعلوا بيني وبينكم مَن شئتم أُحاكمكم. قالوا: كاهنة بني سعْدِ هُذَيْم؟ قال: نعم. وكانت بأشراف الشام، فركب عبد المطلب ومعه نفر مِن بني عبد مناف، وركِب مِن كل قبيلة مِن قريش نفر، والأرض إذ ذاك مَفاوِز، فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض المفاوِز بين الحجاز والشام فَنِيَ ماءُ عبد المطلب وأصحابِه، فظَمِئوا، حتى أيقنوا بالهَلَكَة، فاستَسْقوا مِمَّن معهم مِن قبائل قريش، فأبَوْا عليهم، وقالوا: إنّا في مَفازَةٍ نخشى فيها على أنفسنا مثلَ ما أصابكم. فلمّا رأى عبدُ المطلب ما صنع القومُ، وما يَتَخَوَّفُ على نفسه وأصحابه؛ قال: ماذا ترَون؟ قالوا: ما رأيُنا إلا تبَعٌ لرأيِك، فمُرْنا بما شئتَ. قال: فإنِّي أرى أن يحفِرَ كلُ رجل منكم لنفسه؛ لِما بكم الآن من القوة، كُلَّما مات رجلٌ دَفَعه أصحابه في حفرته، ثم وارَوْه، حتى يكون آخركم رجلًا، فضَيْعَة رجل واحدٍ أيسرُ مِن ضيعة رَكْبٍ جميعًا. قالوا: سمِعنا ما أرَدت. فقام كلُّ رجل منهم يحفِرُ حفرتَه، ثم قعدوا ينتظرون الموتَ عطشًا، ثم إنّ عبد المطلب قال لأصحابه: واللهِ، إنّ إلقاءَنا بأيدينا لَعْجَزٌ، ما نبتغي لأنفسنا حيلة؟! عسى الله أن يرزقَنا ماءً ببعض البلاد، ارْتحِلُوا. فارتحَلوا حتى فَرَغُوا، ومَن معهم من قريش ينظرون إليهم وما هم فاعلون، فقام عبد المطلب إلى راحلته فركِبها، فلمّا انبعَثَت انفجَرت مِن تحت خُفِّها عينٌ مِن ماءٍ عَذْبٍ، فكبَّر عبدُ المطلب، وكبَّر أصحابُه، ثم نزَل فشرِب وشربوا، واستَقَوا حتى مَلَئُوا أسْقِيَتَهم،


(١) أخرجه البخاري ٢/ ١٥٥ (١٦٣٤)، ٢/ ١٧٧ (١٧٤٥)، ومسلم ٢/ ٩٥٣ (١٣١٥).
(٢) الطَيّ: البئر. تاج العروس (طوى).

<<  <  ج: ص:  >  >>