للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حتى انتهت إلى باب الغار، فقال بعضهم: إنّ عليه لَعنكبوتًا قبلَ ميلاد محمدٍ. فانصرفوا (١). (٧/ ٣٦٥)

٣٢٤٢٠ - عن ضبَّة بن مِحْصَنٍ العَنَزِيِّ، قال: قلتُ لعمر بن الخطاب: أنت خيرٌ مِن أبي بكر؟ فبكى، وقال: واللهِ، لَلَيْلةٌ مِن أبي بكر ويومٌ خيرٌ مِن عُمُرِ عُمَرَ، هل لك أن أُحَدِّثَك بليلتِه ويومِه؟ قال: قلتُ: نعم، يا أميرَ المؤمنين. قال: أمّا ليلتُه فلمّا خرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - هاربًا مِن أهل مكةَ خرج ليلًا، فتبِعه أبو بكر، فجعل يمشي مَرَّةً أمامَه، ومرَّةً خلفَه، ومرَّةً عن يمينِه، ومرَّةً عن يساره. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما هذا، يا أبا بكر؟ ما أعرفُ هذا مِن فعلِك!». قال: يا رسولَ الله، أذكرُ الرَّصَدَ فأكونُ أمامك، وأذكرُ الطَّلَبَ فأكونُ خلفَك، ومرَّةً عن يمينك، ومرةً عن يسارك، لا آمَنُ عليك. فمشى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ليلته على أطرافِ أصابعه حتى حَفِيت رجلاه، فلمّا رآه أبو بكر أنها قد حَفِيت حمَله على كاهِلِه، وجعل يشتدُّ به حتى أتى به فمَ الغار، فأنزله، ثم قال: والَّذي بعثك بالحقِّ، لا تدْخُلْه حتى أدْخُلَه، فإن كان فيه شيءٌ نزل بي قبلك. فدخل، فلم يرَ شيئًا، فحمله فأدخَله، وكان في الغار خَرْقٌ فيه حيّاتٌ وأفاعي، فخَشِي أبو بكرٍ أن يَخْرُجَ مِنهُنَّ شيءٌ يُؤْذِي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فألقَمه قدمَه، فجعلن يَضْرِبْنَه ويَلْسَعْنَه؛ الحياتُ والأفاعي، وجعلت دموعُه تَنْحَدِرُ، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول له: «يا أبا بكر، لا تحزن؛ إنّ الله معنا». فأنزل الله سكينته -أي: طمأنينته- لأبي بكر. فهذه ليلتُه. وأَمّا يومُه فلمّا تُوُفِّي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وارتَدَّتِ العربُ، فقال بعضُهم: نُصَلِّي ولا نُزَكِّي. وقال بعضُهم: لا نُصَلِّي ولا نُزَكِّي. فأتيتُه ولا آلُوه نُصْحًا، فقلتُ: يا خليفة رسول الله، تَألَّفِ الناسَ، وارْفُقْ بهم. فقال: جبّارٌ في الجاهلية خوّارٌ في الإسلام؟! بماذا أتألَّفُهم؛ أبشِعرٍ مفتعَلٍ، أو بشِعرٍ مفتَرى؟! قُبِض رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وارتفع الوحي، فواللهِ، لو منعوني عِقالًا مما كانوا يُعْطُون رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتَلتُهم عليه. قال: فقاتلنا معه، فكان -واللهِ- رشيدَ الأمر. فهذا يومُه (٢). (٧/ ٣٦٨)


(١) أخرجه ابن سعد ١/ ٢٢٧ - ٢٢٨.
(٢) أخرجه البيهقي في الدلائل ٢/ ٤٧٦ - ٤٧٧، وابن عساكر في تاريخه ٣٠/ ٨٠ - ٨١، من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي، عن فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ضبة بن محصن العنزي، عن عمر به.
قال ابن كثير في البداية والنهاية ٤/ ٤٥٠: «في هذا السياق غرابة ونكارة».

<<  <  ج: ص:  >  >>