للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتسبوا، وأنفَق عثمانُ في ذلك نفقةً عظيمةً، لم يُنفِق أحدٌ أعظمَ منها، وحمل على مائتي بعيرٍ (١). (٧/ ٣٩٦)

٣٢٥٦٢ - عن عروة =

٣٢٥٦٣ - وموسى بن عقبة، قالا: ثُمَّ إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تجهَّزَ غازيًا الشامَ، فأذَّن في الناس بالخروج، وأمرهم به، وكان ذلك في حرٍّ شديدٍ لياليَ الخريف، والناس خارِفُونَ (٢) في نخيلهم، فأبطأ عنه ناسٌ كثيرٌ، وقالوا: الرومُ، ولا طاقة بهم. فخرج أهل الحَسَبِ، وتخلَّف المنافقون، وحدَّثوا أنفسهم أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يَرجعُ إليهم أبدًا، فاعتلُّوا، وثبَّطوا مَن أطاعه، وتخلَّف عنه رجال من المسلمين بأمرٍ كان لهم فيه عذرٌ؛ منهم السقيمُ، والمُعْسِرُ، وجاء سِتَّةُ نفرٍ كلُّهم مُعْسِرٌ يَسْتَحْمِلُونه، لا يُحِبُّون التَّخَلُّف عنه، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا أجد ما أحْمِلكم عليه». فتَولَّوا وأعينهم تفيض من الدمَّع حَزَنًا ألّا يجدُوا ما يُنفقون؛ منهم من بني سَلِمةَ عمرُو بنُ عَنَمَة، ومِن بني مازن بن النجار أبو ليلى عبدُ الرحمن بنُ كعب، ومِن بني حارثةَ عُلْبةُ بنُ زيدٍ، ومِن بني عمرو بن عوفٍ سالم بنُ عميرٍ، وهَرَمِيُّ بنُ عبد الله، وهم يُدْعَون: بني البكّاء، وعبدُ الله بنُ عمرٍو رجلٌ مِن بني مُزَينةَ، فهؤلاء الذين بَكَوْا، واطَّلع الله - عز وجل - أنّهم يُحِبُّون الجهادَ، وأنّه الجِدُّ من أنفسهم، فعذرهم في القرآن، فقال: {ليسَ على الضُّعفاء ولا على المرضى ولا على الَّذين لا يجدُون ما يُنفقُون حرجٌ إذا نصحُوا لله ورسُوله} الآية واللتين بعدها. وأتاه الجَدُّ بن قيس السَّلَمِيُّ وهو في المسجد، معه نفرٌ، فقال: يا رسول الله، ائْذَن لي في القعود؛ فإني ذو ضَيْعةٍ وعِلَّةٍ فيها عُذرٌ لي. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «تجهَّز؛ فإنّك مُوسِرٌ، لعلَّك أن تُحْقِبَ (٣) بعضَ بناتِ بني الأصفر». فقال: يا رسول الله، ائْذن لي، ولا تَفْتِنِّي. فنزلت: {ومنهُم من يقوُلُ ائذَن لي ولا تفتنِّي} وخمسُ آياتٍ معها، يتبعُ بعضُها بعضًا. فخرَج رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون معه، وكان مِمَّن تخلَّف عنه غَنْمَةُ بنُ وديعة من بني عمرو بن عوف، فقيل له: ما خلَّفك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنت مُوسِرٌ؟! فقال: الخوضُ واللعبُ. فأنزل الله فيه وفيمن تخلَّف من المنافقين: {ولئن سألتهُم ليقُولُن إنمّا


(١) أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام ٢/ ٥١٦، ٥١٧، ٥١٨ - مُفَرَّقًا، والبيهقي في دلائل النبوة ٥/ ٢١٣ - ٢١٤ واللفظ له مرسلًا.
(٢) خارفون في نخيلهم: أي: أقاموا فيه وقت اختراف -جني- الثمار وهو الخريف. النهاية (خرف).
(٣) احْتَقَبه: أردفه خلفه على حقيبة الرَّحْل. النهاية (حقب).

<<  <  ج: ص:  >  >>