للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفزاريّ، وحُوَيْطِب بن عبد العُزّى القرشي من بني عامر بن لؤي، والحارث بن هشام المخزومي، وحكيم بن حزام من بني أسد بن عبد العزى، ومالك بن عوف النصري، وصفوان بن أُمَيَّة القرشي، وعبد الرحمن بن يَرْبُوع، وقيس بن عَدِيٍّ السهمي، وعمرو بن مِرْداس، والعلاء بن الحارث الثقفي، أعطى كلَّ رجل منهم مائةً من الإبل لِيُرَغِّبهم في الإسلام، ويُناصِحون اللهَ ورسولَه، غير أنّه أعطى عبد الرحمن بن يربوع خمسين من الإبل، وأعطى حُوَيْطِب بن عبد العُزّى القرشي خمسين من الإبل، وكان أعطى حكيم بن حزام سبعين من الإبل، فقال: يا نبيَّ الله، ما كنتُ أرى أنّ أحدًا مِن المسلمين أحقّ بعطائِك مِنِّي. فزاده النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فكَرِه، ثم زاده عشرةً، فكَرِه، فأتمَّها له مائةً مِن الإبل، فقال حكيم: يا رسول الله، عَطِيَّتُك الأولى التي رَغِبْتُ عنها أهي خيْرٌ أم التي قَنِعْتُ بها؟ فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «الإبل التي رغبتَ عنها». فقال: واللهِ، لا آخُذُ غيرها. فأخذ السبعين، فمات وهو أكثر قريش مالًا، فشقَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - تلك العطايا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنِّي لَأُعطي رجلًا وأترك آخرَ، وإنّ الذي أتركُ أحَبَّ إلَيَّ مِن الذي أُعْطِي، ولكن أتَأَلَّفُ هؤلاء بالعَطِيَّة، وأُوكِلُ المؤمنَ إلى إيمانه» (١) [٢٩٨١]. (ز)


[٢٩٨١] اختُلِف في وجود المُؤَلَّفة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعدمها؟ وهل يُعْطى أحدٌ على التَأَلُّف للإسلام من الصدقة؟ فقيل: قد بطلت المؤلفة قلوبهم اليوم. وقيل: المؤلفة قلوبهم في كل زمان، وحقُّهم في الصدقات.
ورجَّح ابنُ جرير (١١/ ٥٢٣) القول الثاني مستندًا إلى السنة، والدلالة العقلية، وانتَقَد الأولَ، فقال: «والصواب من القول في ذلك عندي: أنّ الله جعل الصدقة في معنيين: أحدهما: سَدُّ خُلَّة المسلمين. والآخر: معونة الإسلام وتقويته، فما كان في معونة الإسلام وتقوية أسبابه فإنه يعطاه الغني والفقير؛ لأنه لا يعطاه مَن يُعطاه بالحاجة منه إليه، وإنما يُعطاه معونة للدين، وذلك كما يُعْطى الذي يُعْطاه بالجهاد في سبيل الله، فإنه يعطى ذلك غنيًّا كان أو فقيرًا؛ للغزو، لا لِسَدِّ خُلَّته. وكذلك المؤلفة قلوبهم يعطون ذلك وإن كانوا أغنياء، استصلاحًا بإعطائهموه أمرَ الإسلام، وطلب تقويته وتأييده. وقد أعطى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَن أعطى من المؤلفة قلوبهم بعد أن فتح الله عليه الفتوح، وفشا الإسلام، وعزَّ أهلُه، فلا حُجَّة لِمُحْتَجٍّ بأن يقول: لا يُتَأَلَّف اليومَ على الإسلام أحد؛ لامتناع أهله بكثرة العدد ممن أرادهم. وقد أعطى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَن أعطى منهم في الحال التي وصفتُ».
وعلَّق ابنُ عطية (٤/ ٣٤٥) بعد ذكره لهذا القول بقوله: «وإذا تأملت الثغورَ وُجِد فيها الحاجة إلى الاسْتِئْلاف».

<<  <  ج: ص:  >  >>