٣٣٠٥٨ - عن عروةَ بن الزبير -من طريق ابنه هشام-: أنّ رجلًا مِن الأنصار -يُقال له: الجُلاسُ بن سُويدٍ- قال ليلةً في غزوة تبوك: واللهِ، لَئِن كان ما يقول مُحَمَّدٌ حقًّا لَنَحْنُ شرٌّ مِن الحمير. فسمعه غلامٌ يُقال له: عمير بنُ سعدٍ، وكان ربيبَه، فقال له: أيْ عمِّ، تُبْ إلى الله. وجاء الغلامُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره، فأرسل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إليه، فجعل يحلفُ ويقولُ: واللهِ، ما قلتُهُ، يا رسول الله. فقال الغلامُ: بلى، واللهِ، لقد قلتَه، فتُبْ إلى الله، ولولا أن ينزل القرآن فيجعلني معك ما قلتُه. فجاء الوحيُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فسكتوا فلا يتحرَّك أحدٌ، وكذلك كانوا يفعلون، لا يتحرَّكون إذا نزل الوحيُ، فرُفِع عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال:{يحلفُون باللهِ ما قالُوا ولقد قالوا كلمةَ الكُفْرِ} إلى قوله: {فإن يتوبوا يكُ خيرًا لهُمْ}. فقال: قد قلتُه، وقد عرض الله عَلَيَّ التوبة، فأنا أتوب. فقُبِل ذلك منه، وكان له قتيٌل في الإسلام، فوَداه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأعطاه ديتَه، فاستغنى بذلك، وكان هَمَّ أن يَلحقَ بالمشركين، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - للغلام:«وفَتْ أُذنُك»(٢). (٧/ ٤٤٥)
٣٣٠٥٩ - عن الضحاك بن مُزاحِم، في قوله:{يحلفون بالله ما قالوا}، قال: هم الذين أرادوا أن يدفعوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ العقبة، وكانوا قد أجمعوا أن يقتلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم معه في بعض أسفاره، فجعلوا يلتمسون غِرَّته، حتى أخذ في عَقَبَةٍ، فتقدَّم بعضُهم، وتأخَّر بعضُهم، وذلك ليلًا، قالوا: إذا أخذ في العَقَبَة دفعناه عن راحلته في الوادي. فسمع حذيفةُ وهو يسوق النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وكان قائدُه تلك الليلة عمارَ بن ياسر، وسائقُه حذيفةَ بن اليمان، فسمع حذيفةُ أخفافَ الإبل، فالتَفَتَ، فإذا هو بقومٍ مُتَلَثِّمِين، فقال: إليكم إليكم، يا أعداء الله. فأَمْسَكوا، ومضى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل منزِلَه الذي أراد، فلمّا أصبح أرسل إليهم كلِّهم، فقال:«أردتُم كذا وكذا؟». فحلفوا باللهِ ما قالوا، ولا أرادُوا الذي سألهم عنه، فذلك قولُه: {يحلفون
[٢٩٩٩] علَّق ابنُ عطية (٤/ ٣٦٥) على هذا القول بقوله: «والإشارة بكلمة الكفر إلى قوله: إن كان ما يقول محمد حقًّا فنحن شر من الحمر. لأنّ التكذيب في قُوَّة هذا الكلام».