للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غزوة تبوك، فلمّا حَضَر رجوعُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوثَق سبعةٌ منهم أنفسَهم بسَواري المسجد، وكان مَمَرُّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذا رجع في المسجد عليهم، فلمّا رآهم قال: «مَن هؤلاء المُوثِقون أنفسَهم؟». قالوا: هذا أبو لُبابة وأصحابٌ له، تخلَّفوا عنك، يا رسول الله، أوثَقوا أنفسَهم، وحلَفوا أنهم لا يُطلِقُهم أحدٌ حتى يُطْلقهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ويَعْذِرَهم. قال: «وأنا أُقسِمُ بالله لا أُطلِقُهم ولا أعذِرُهم حتى يكون الله تعالى هو الذي يُطلِقُهم، رَغِبوا عنِّي، وتخلَّفوا عن الغزو مع المسلمين». فلمّا بلغهم ذلك قالوا: ونحن لا نُطلِق أنفسَنا حتى يكون اللهُ هو الذي يُطلِقُنا. فأنزل الله - عز وجل -: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا عسى الله أن يتوب عليهم}. و «عسى» من الله واجبٌ، {إن الله غفور رحيم}. فلمّا نزلت أرسل إليهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فأطلَقهم، وعَذرهم، فجاءوا بأموالهم، فقالوا: يا رسول الله، هذه أموالُنا فتَصدَّق بها عَنّا، واستغفِر لنا. قال: «ما أُمِرتُ أن آخُذ أموالَكم». فأنزل الله - عز وجل -: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم} يقول: استغفِر لهم، {إن صلاتك سكن لهم} يقول: رحمةٌ لهم. فأخذ منهم الصَّدَقة، واسْتَغْفَر لهم. وكان ثلاثةُ نفرٍ منهم لم يُوثِقوا أنفسَهم بالسَّواري، فأُرجِئوا سَبْتَةً لا يدرون أيُعَذَّبون أو يُتابُ عليهم؛ فأنزل الله - عز وجل -: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة} إلى آخر الآية [التوبة: ١١٧].

وقوله: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا} إلى: {ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم} [التوبة: ١١٨]. يعني: إن استقاموا (١). (٧/ ٥٠٦)

٣٣٤٢٤ - عن الضحاك بن مزاحم -من طريق عبيد بن سليمان-، مثله (٢). (٧/ ٥٠٧)

٣٣٤٢٥ - عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- قال: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا غزوة تبوك، فتخلَّف أبو لبابة ورجلان معه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم إنّ أبا لُبابة ورجلين معه تَفكَّروا، ونَدِموا، وأيقَنوا بالهَلَكَة، وقالوا: نحن في الظِّلِّ والطمأنينة مع النساء، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون معه في الجهاد، واللهِ، لنُوثِقَنَّ أنفسَنا بالسَّواري فلا نُطلِقُها حتى يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يُطلِقُنا ويَعذِرُنا. فانطلق أبو لُبابة، فأَوْثَق نفسَه


(١) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٥/ ٢٧١ - ٢٧٢ واللفظ له، وابن جرير ١١/ ٦٥١ - ٦٥٢، ٦٥٩، ٦٦٢ - ٦٦٣، ٦٦٧، ٦٦٩ مفرقًا، وابن أبي حاتم ٦/ ١٨٧٢ (١٠٣٠٣)، ٦/ ١٨٧٤ - ١٨٧٥ (١٠٣٠٧)، ٦/ ١٨٧٦ (١٠٣٠٧) مفرقًا، وابن مردويه -كما في تخريج أحاديث الكشاف ٢/ ٩٨ - ، من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس.
إسناده جيد. وينظر: مقدمة الموسوعة.
(٢) أخرجه ابن جرير ١١/ ٦٥٤ - ٦٥٥ من مرسل الضحاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>