ورجلان معه بسواري المسجد، وبقي ثلاثةٌ لم يُوثِقوا أنفسَهم، فرجع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِن غزوته، وكان طريقُه في المسجد، فمَرَّ عليهم، فقال:«مَن هؤلاء الموثِقون أنفسهم بالسَّواري؟». فقال رجل: هذا أبو لُبابة وأصحابٌ له تَخَلَّفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعاهَدوا الله ألّا يُطلِقون أنفسَهم حتى تكون أنت الذي تُطْلِقهم وتَرْضى عنهم، وقد اعترفوا بذنوبهم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «واللهِ، لا أُطلِقُهم حتى أُومَرَ بإطلاقهم، ولا أعْذِرُهم حتى يكون الله يَعْذِرُهم وقد تَخَلَّفوا ورَغِبوا عن المسلمين بأنفسهم وجهادهم». فأنزل الله تعالى:{وآخرون اعترفوا بذنوبهم} الآية، و «عسى» من الله واجب. فلمّا نزلتِ الآيةُ أطلقهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وعَذَرهم، فانطلق أبو لُبابة وأصحابُه بأموالهم، فأتوا بها رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: خُذ مِن أموالنا، فتصدَّق بها عنّا، وصَلِّ علينا. يقولون: استغفر لنا، وطَهِّرنا. فقال:«لا آخذ منها شيئًا حتى أُومَرَ به». فأنزل الله:{خذ من أموالهم صدقة} الآية. قال: وبقي الثلاثةُ الذين خالفوا أبا لُبابة ولم يتوبوا، ولم يُذكروا بشيء، ولم ينزل عُذرُهم، وضاقت عليهم الأرض بما رَحُبَت، وهم الذين قال الله:{وآخرون اعترفوا بذنوبهم} الآية [التوبة: ١٠٦]. فجعل الناس يقولون: هلَكوا إذا لم ينزِل لهم عُذْرٌ. وجعل آخرون يقولون: عسى الله أن يتوب عليهم. فصاروا مُرجَئِين لأمر الله حتى نزلت:{لقد تاب الله على النبي} إلى قوله: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا}[التوبة: ١١٧ - ١١٨]. يعني: المُرْجَئين لأمر الله، نزلت عليهم التوبة، فعُمُّوا بها (١). (٧/ ٥٠٨)
٣٣٤٢٦ - عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العوفي- قوله:{وآخرون اعترفوا بذنوبهم}، قال: هُم مِن الأعراب (٢)[٣٠٤٠]. (ز)
٣٣٤٢٧ - عن جابر بن عبد الله، قال: كان مِمَّن تخلَّف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك ستة: أبو لُبابة، وأوس بن خِذام، وثعلبة بن وديعة، وكعب بن مالك، ومُرارة بن
[٣٠٤٠] ذكر ابن عطية (٤/ ٣٩٦) قول ابن عباس ثم قال معلّقا: «فهي آية ترج على هذا».