للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الربيع، وهلال بن أُمَيَّة، فجاء أبو لُبابة، وأوس، وثعلبة، فربَطوا أنفسهم بالسواري، وجاءوا بأموالهم، فقالوا: يا رسول الله، خذ؛ هذا الذي حَبَسَنا عنك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا أحُلُّهم حتى يكون قتال». فنزل القرآن: {خلطوا عملًا صالحًا وءاخر سيئًا} الآية. وكان مِمَّن خُلِّف عن التوبة وأُرجِئ كعبُ بن مالك، ومُرارة بن الربيع، وهلال بن أُمَيَّة، فأُرْجِئوا أربعين يومًا، فخرَجوا، وضرَبوا فَساطيطَهم، واعتزلَهم نساؤهم، ولم يتولَّهم المسلمون ولم يتبرَّءوا منهم، فنزل فيهم: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا} إلى قوله: {التواب الرحيم}. فبعثت أمُّ سلمة إلى كَعْب فبَشَّرَته (١). (٧/ ٥١١)

٣٣٤٢٨ - عن سعيد بن المسيب: أنّ بني قُرَيْظَة كانوا حلفاء لأبي لُبابة، فاطَّلَعوا إليه وهو يَدعُوهم إلى حكم رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا أبا لُبابة، أتأمُرُنا أن ننزِل. فأشار بيده إلى حَلْقِه أنّه الذَّبْح، فأُخبِر عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «أحَسِبْتَ أنّ الله غفل عن يدِك حين تُشِيرُ إليهم بها إلى حلقك». فلَبِث حينًا ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عاتِبٌ عليه، ثم غزا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - تبوكًا، وهي غزوة العُسْرَة، فتَخلَّف عنه أبو لُبابة فيمَن تَخلَّف، فلمّا قَفَل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - منها جاءه أبو لُبابة يُسَلِّمُ عليه، فأعرَض عنه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ففزع أبو لُبابة، فارتبط بسارية التوبة التي عند باب أُمِّ سلمة سبعًا، بين يوم وليلة في حرٍّ شديد، لا يأكل فيهنَّ، ولا يشرب قطرةً، وقال: لا يزال هذا مكاني حتى أُفارِق الدنيا أو يتوب الله عليَّ. فلم يزل كذلك حتى ما يُسمِعَ الصوتَ مِن الجَهْد، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إليه بُكرةً وعشيةً، ثم تاب الله عليه، فنُودِي: إنّ الله قد تاب عليك. فأرسل إليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لِيُطلِقَ عنه رباطه، فأبى أن يطلقه أحدٌ إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطلقه عنه بيده، فقال أبو لبابة حين أفاق: يا رسول الله، إنِّي أهجُرُ دار قومي التي أصبت فيها الذَّنبَ، وأنتقل إليك فأُساكِنُك، وإنِّي أختَلِعُ من مالي صدقةً إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: «يُجْزِئُ عنك الثُلُثُ». فهجر أبو لبابة دار قومه، وساكَن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وتصدَّق بثُلُث ماله، ثم تاب فلم يُرَ منه في الإسلام بعد ذلك إلّا خيرٌ حتى فارقَ الدُّنيا (٢). (٧/ ٥٠٧)


(١) أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة ١/ ٣١٢ - ٣١٣ (٩٩٨)، وابن عساكر في تاريخه ٥٠/ ١٩٥ - ١٩٦ (١٠٦٤٨).
قال السيوطي: «بسند قوي».
(٢) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٥/ ٢٧٠ - ٢٧١ من مرسل سعيد بن المسيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>