وحارثة بن عمرو، وابنه زيد بن حارثة، ونفيل بن الحرث، ووديعة بن ثابت، وحزام بن خالد، ومُجَمِّع بن حارثة، قالوا: نبني مسجدًا نتحدَّث فيه، ونخلو فيه، فإذا رجع أبو عامر الراهب اليهودي من الشام -أبو حنظلة غسيل الملائكة- قلنا له: بنيناه لتكون إمامَنا فيه. فذلك قوله:{وإرْصادًا لِمَن حارَبَ اللَّهَ ورَسُولَهُ مِن قَبْلُ}(١). (ز)
٣٣٥٢٧ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله:{والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل}، قال: مسجد قباء، كانوا يصلون فيه كلُّهم، وكان رجل من رؤساء المنافقين؛ أبو عامر أبو حنظلة غسيل الملائكة، وصيفي، وأخوه، وكان هؤلاء الثلاثة مِن خيار المسلمين، فخرج أبو عامر هاربًا هو وابن عبدِ ياليل من ثقيف، وعلقمة بن علاثة من قيس، مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى لحقوا بصاحب الروم. فأما علقمة وابنُ عبد ياليل فرجعا، فبايعا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وأسلما، وأما أبو عامر فتَنَصَّر وأقام. قال: وبنى ناسٌ مِن المنافقين مسجد الضرار لأبي عامر، قالوا: حتى يأتي أبو عامر يصلي فيه. {وتفريقا بين المؤمنين} يفرقون بين جماعتهم؛ لأنّهم كانوا يُصَلُّون جميعًا في مسجد قباء، وجاءوا يخدعون النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا رسول الله، رُبَّما جاء السيلُ، فقطع بيننا الوادي، ويحول بيننا وبين القوم، فنُصَلِّي في مسجدنا، فإذا ذهب السيل صلينا معهم. قال: وبَنَوْه على النِّفاق. قال: وانهار مسجدُهم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: وألقى الناسُ عليه النَّتَنَ والقُمامة؛ فأنزل الله:{والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين} لئلّا يُصَلِّي في مسجد قباء جميعُ المؤمنين، {وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل} أبي عامر، {وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون}(٢)[٣٠٤٩]. (ز)
[٣٠٤٩] قال ابنُ عطية (٤/ ٤٠٥ - ٤٠٦): «وقوله: {بين المؤمنين} يريد: بين الجماعة التي كانت تُصَلِّي في مسجد قباء، فإنّ مَن جاوز مسجدهم كانوا يصرفونه إليه، وذلك داعية إلى صرفه عن الإيمان. وقيل: أراد بقوله: {بين المؤمنين} جماعةَ مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا بحسب الخلاف في المسجد المُؤَسَّس على التقوى».