آمنة، فصَلَّيت ركعتين، فاستأذنتُ ربِّي أن أستغفر لها، فنُهِيتُ، فبَكَيْتُ، ثُمَّ عدتُ فصَلَّيْتُ ركعتين، فاستأذنتُ ربي أن أستغفر لها، فزُجِرْت زَجْرًا، فعلا بُكائي». ثم دعا براحلته، فرَكِبَها، فما سار إلا هُنَيَّة حتى قامَتِ النّاقة (١) لِثِقَل الوحي؛ فأنزل الله:{ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الآيتين (٢). (٧/ ٥٥٦)
٣٣٧٦٤ - عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة-: أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمّا أقبل مِن غزوة تبوك اعْتَمَر، فلمّا هَبَط مِن ثَنِيَّة عُسْفان أمَر أصحابه أن يستند وا إلى العقبة:«حتى أرجع إليكم». فذهب، فنزل على قبر أُمِّه آمنة، فناجى ربَّه طويلًا، ثم إنّه بكى، فاشْتَدَّ بكاؤه، فبكى هؤلاء لبكائه، فقالوا: ما بكى نبيُّ الله هذا البكاء إلا وقد أُحْدِث في أُمَتِّه شيء لم يُطِقْه. فلمّا بكى هؤلاء قام، فرجع إليهم، فقال:«ما يُبكيكم؟». قالوا: يا نبيَّ الله، بكينا لبكائك. قلنا: لعلَّه أُحْدِث في أُمَّتك شيء لم تُطِقْه. قال:«لا، وقد كان بعضه، ولكنِّي نزلتُ على قبر أُمِّي، فدعوت اللهَ ليأذن لي في شفاعتها يوم القيامة، فأبى أن يأذن لي، فرحِمتُها وهى أُمِّي، فبَكَيْتُ، ثم جاءنى جبريل، فقال:{وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه} الآية، فتَبَرَّأْ أنت مِن أُمِّك، كما تَبَرَّأ إبراهيمُ مِن أبيه. فرحِمْتُها وهي أُمِّي، فدعوت ربي أن يرفع عن أُمَّتِي أربعًا، فرفع عنهم اثنتين، وأبى أن يرفع عنهم اثنتين؛ دعوت ربى أن يرفع عنهم الرجم مِن السماء، والغرق مِن الأرض، وأن لا يلبسهم شيعًا، وألا يُذيق بعضهم بأس بعض، فرفع الله عنهم الرجم من السماء، والغرق من الأرض، وأبى أن يرفع عنهم القتل، والهرج». قال: وإنما عدَل إلى قبر أُمِّه لأنها كانت مدفونة تحت كَداء، وكانت عسفان لهم، وبها وُلِد النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (٣)[٣٠٧٠]. (٧/ ٥٥٤)
[٣٠٧٠] علَّق ابنُ كثير (٧/ ٢٩٧) على هذا الحديث بقوله: «وهذا حديث غريب، وسياق عجيب».