ورجَّح ابنُ جرير (١٢/ ٩٤ - ٩٣) جوازَ جميعَ تلك الأقوال مستندًا للعموم، فقال: «وأَوْلى الأقوال في ذلك بالصحة أن يُقال: إنّ الله عجَّب عباده المؤمنين من هؤلاء المنافقين، ووَبَّخ المنافقين في أنفسهم بقلة تَذَكُّرِهم، وسُوءِ تَنَبُّهِهِم لمواعظ الله التي يعظهم بها. وجائزٌ أن تكون تلك المواعظ الشدائد التي ينزلها بهم من الجوع والقحط، وجائزٌ أن تكون ما يريهم من نصرة رسوله على أهل الكفر به، ويرزقه من إظهار كلمته على كلمتهم، وجائز أن تكون ما يَظهر للمسلمين من نفاقهم وخبث سرائرهم، بركونهم إلى ما يسمعون من أراجيف المشركين برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. ولا خبرَ يُوجِب صِحَّة بعض ذلك دون بعض من الوجه الذي يجب التسليم له، ولا قول في ذلك أولى بالصواب من التسليم لظاهر قول الله، وهو: أولا يرون أنهم يختبرون في كل عام مرة أو مرتين، بما يكون زاجرًا لهم، ثم لا ينزجرون ولا يَتَّعظون». ورجَّح ابنُ عطية (٤/ ٤٣٩) مستندًا إلى السياق القولَ الأخير. وانتقد الأولَ الذي قاله مجاهد، والثاني الذي قاله قتادة، والحسن، فقال: «والذي يظهر مما قبل الآية ومما بعدها أنّ الفتنة والاختبار إنما هي بكشف الله تعالى أسرارهم، وإفشائه عقائدَهم، فهذا هو الاختبار الذي تقوم عليه الحجة برؤيته وترك التوبة، وأما الجهاد أو الجوع فلا يترتب معهما ما ذكرناه».