وذَهَبَ ابنُ جرير (١٢/ ٢١٢ - ٢١٣) إلى ما ذهب إليه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ استنادًا إلى السياق، فقال: «الصوابُ مِن القول في ذلك أن يُقال: الولي -أعني: ولي الله- هو مَن كان بالصِّفة التي وصفه الله بها، وهو الذي آمن واتقى، كما قال الله: {الَّذِينَ آمَنُوا وكانُوا يَتَّقُونَ}». وكذلك قال ابنُ تيمية (٣/ ٤٨٦ - ٤٨٧). وقال ابنُ القيم (٢/ ٤٠ - ٤١): «أولياء الرحمن لا خوف عليهم ولاهم يحزنون، هم الذين آمنوا وكانوا يتقون، وهم المذكورون في أول سورة البقرة إلى قوله: {هم المفلحون} [البقرة: ١ - ٥]، وفي وسطها في قوله: {ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر} إلى قوله: {أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} [البقرة: ١٧٧]، وفي أول الأنفال إلى قوله: {لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم} [الأنفال: ١ - ٤]، وفي أول سورة المؤمنين إلى قوله: {هم فيها خالدون} [المؤمنون: ١ - ١١]، وفي آخر سورة الفرقان، وفي قوله: {إن المسلمين والمسلمات} إلى آخر الآية [الأحزاب: ٣٥]، وفي قوله: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون}، وفي قوله: {ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون} [النور: ٥٢]، وفي قوله: {إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون} إلى قوله: {في جنات مكرمون} [المعارج: ٢٢ - ٣٥]، وفي قوله: {التائبون العابدون الحامدون} إلى آخر الآية [التوبة: ١١٢]. فأولياء الرحمن هم المخلصون لربهم، المحكمون لرسوله في الحرم والحِلِّ، الذين يخالفون غيره لسُنَّته ولا يخالفون سُنَّته لغيرها، فلا يبتدعون ولا يدعون إلى بِدْعَة، ولا يَتَحَيَّزون إلى فئةٍ غير الله ورسوله وأصحابه، ولا يتخذون دينهم لهوًا ولعبًا، فأولياء الرحمن المتلبسون بما يحبه وليهم، الداعون إليه، المحاربون لِمَن خرج عنه».