ورجَّحَ ابنُ جرير (١٢/ ٢٤٧) القولَ الأولَ -وهو قول مجاهد بن جبر، والأعمش-، وانتَقَدَ القولَ بأنّهم مَن آمن مِن قوم فرعون؛ استنادًا إلى اللغة، والسياق، فقال: «وإنما قلت: هذا القولُ أولى بالصواب في ذلك؛ لأنه لم يَجْرِ في هذه الآية ذكرٌ لغير موسى، فَلَأن تكون الهاء في قوله: {من قومه} مِن ذِكْرِ موسى -لِقُربِها مِن ذِكْرِه- أولى مِن أن تكون من ذِكْرِ فرعون؛ لبعد ذِكْرِه منها؛ إذ لم يكن بخلاف ذلك دليلٌ من خبرٍ ولا نظرٍ. وبعدُ، فإنّ في قوله: {على خوف من فرعون وملئهم} الدليلُ الواضح على أنّ الهاء في قوله: {إلا ذرية من قومه} من ذِكْر موسى، لا من ذِكْرِ فرعون؛ لأنّها لو كانت من ذِكْرِ فرعون لكان الكلام: على خوف منه. ولم يكن: {على خوف من فرعون}». ورجَّحَ ابنُ عطية (٤/ ٥١٤ - ٥١٥ بتصرف) القولَ الثالثَ، وانتَقَدَ القول الأولَ استنادًا إلى المعروف مِن أخبار بني إسرائيل، والدلالة العقلية، والسياق، فقال: «هذا قول غير واضح، وإذا آمن قومٌ بعد موت آبائهم فلا معنى لتخصيصهم باسم الذرية، ومما يضعف عود الضمير على موسى أنّ المعروف من أخبار بني إسرائيل أنهم كانوا قومًا قد تقدمت فيهم النبوات، وكانوا في مُدَّة فرعون قد نالهم ذُلُّ مُفْرِط، وقد رجوا كشفه على يد مولودٍ يخرج فيهم يكون نبيًّا، فلما جاءهم موسى - عليه السلام - أصفقوا عليه واتبعوه، ولم يُحْفَظ قطُّ أنّ طائفة من بني إسرائيل كفرت به، فكيف تعطي هذه الآية أنّ الأقل منهم كان الذي آمن؟! ويؤيد [ما قلنا] أيضًا ما تقدَّم مِن محاورة موسى وردِّه عليهم وتوبيخهم على قولهم: هذا سحر. فذكر الله ذلك عنهم، ثم قال: {فما آمن لموسى إلا ذرية} مِن قوم فرعون الذين هذه أقوالهم». ونحا نحوَه ابنُ كثير (٧/ ٣٩٠).