للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صدورهم}، يقول: يُطَأْطِئون رءُوسهم، ويحنون ظهورهم (١). (٨/ ١٣)

٣٥٠٨٠ - قال مقاتل بن سليمان: {ألا إنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} يعني: يَلْوُون، وذلك أنّ كفار مكة كانوا إذا سمعوا القرآن نكسوا رءوسهم على صدورهم؛ كراهية استماع القرآن؛ {لِيَسْتَخْفُوا مِنهُ} يعني: مِن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاللهُ قد علم ذلك منهم، ثم قال: {ألا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وما يُعْلِنُونَ} (٢). (ز)

٣٥٠٨١ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه}، قال: هذا حين يناجي بعضُهم بعضًا. وقرأ: {ألا حين يستغشون ثيابهم} الآية (٣) [٣١٧٨]. (ز)


[٣١٧٨] اختلف السلف في تفسير قوله تعالى: {ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه}، وفي السبب الذي من أجله فعلوا ذلك، على أقوال: الأول: ذلك كان مِن فعل بعض المنافقين، كان إذا مر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - غطّى وجهَه، وثنى ظهرَه. الثاني: كانوا يفعلون ذلك جهلًا منهم بالله، وظنًّا أنّ الله يخفى عليه ما تُضْمِره صدورُهم إذا فعلوا ذلك. الثالث: إنما كانوا يفعلون ذلك لِئَلّا يسمعوا كلام الله تعالى. الرابع: إخبار من الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - عن المنافقين الذين كانوا يُضْمِرُون له العداوة والبغضاء، ويُبْدُون له المحبة والمودة، وأنّهم معه وعلى دينه. الخامس: كانوا يفعلون ذلك إذا ناجى بعضهم بعضًا.
وقد ذكر ابنُ جرير (١٢/ ٣٢٢) الخلاف في قراءة ذلك، والخلاف في تأويله، ثم رجّح مستندًا إلى السياق القول الثاني، معللًا ذلك بقوله: «وإنما قلنا ذلك أولى التأويلات بالآية لأنّ قوله: {ليستخفوا منه} بمعنى: ليستخفوا من الله، وأن الهاء في قوله: {منه} عائدة على اسم الله، ولم يجرِ لمحمد ذِكْرٌ قبلُ فيُجْعَل مِن ذكره - صلى الله عليه وسلم - وهي في سياق الخبر عن الله. فإذا كان ذلك كذلك كانت بأن تكون مِن ذِكْرِ الله أولى. وإذا صح أنّ ذلك كذلك كان معلومًا أنهم لم يحدثوا أنفسهم أنهم يستخفون من الله إلا بجهلهم به، فلما أخبرهم -جل ثناؤه- أنّه لا يخفى عليه سِرُّ أمورهم وعلانيتها على أي حال كانوا».
وذكر ابنُ عطية (٤/ ٥٤٠) القول الأول، وعلّق عليه بقوله: «و {صُدُورَهُمْ} منصوبة على هذا بـ {يَثْنُونَ}».

<<  <  ج: ص:  >  >>