٣٥٥٩٠ - عن عبد الله بن عباس -من طريق الضحاك- قال: أعطى الله نوحًا - عليه السلام - في السفينة خرزتين؛ إحداهما بياضُها كبياض النهار، والأخرى سوادُها كسواد الليل، فإذا أمسَوا غلب سواد هذه بياض هذه، وإذا أصبحوا غلب بياض هذه سواد هذه، على قدر الساعات الاثنى عشر، فأول مَن قدَّر الساعات الاثني عشر لا يزيد بعضُها على بعض نوح - عليه السلام - في السفينة؛ ليعرف بها مواقيت الصلاة، فسارت السفينة مِن مكة حتى أخَذَت إلى اليمن، فبلغت الحبشة، ثم عدلت حتى رجعت إلى جدة، ثم أخَذَت على الروم، ثم جاوزت الروم، فأقبلت راجعة على جبال الأرض المقدسة، وأوحى الله إلى نوح - عليه السلام - أنها تستوي على رأس جبل، فعلِمت الجبال لذلك، فتَطَلَّعَت لذلك، وأخرجت أُصُولَها من الأرض، وجعل جُودِيٌّ يتواضع لله - عز وجل -، فجاءت السفينة حتى جاوزت الجبال كلها، فلما انتهت إلى الجودي استوت ورَسَت، فشَكَتِ الجبالُ إلى الله، فقالت: يا ربِّ، إنّا تَطَلَّعنا وأخرجنا أُصُولَنا مِن الأرض لسفينة نوح، وخَنَس جوديٌّ، فاستوت سفينة نوح عليه! فقال الله: إنِّي كذلك، مَن تواضع لي رفعتُه، ومَن ترفَّع لي وضَعْتُه. ويقال: إنّ الجوديَّ مِن جبال الجنة. فلمّا أن كان يوم عاشوراء اسْتَوَتِ السفينةُ عليه، وقال الله:{يا أرض ابلعي مآءك} بلغة الحبشة، {ويا سماء أقلِعِي} أي: أمسكي، بلغة الحبشة، فابتلعتِ الأرضُ ماءها، وارتفع ماءُ السماء حتى بلغ عنان السماء رجاء أن يعود إلى مكانه، فأوحى الله إليه: أن ارجع؛ فإنّك رِجْسٌ وغضب. فرجع الماء، فمَلُحَ وخَمَّ (١) وتَرَدَّد، فأصاب الناسَ منه الأذى، فأرسل الله الريح، فجمعه في مواضع البحار، فصار زُعاقًا مالحًا لا يُنتَفَع به، وتَطَلَّع نوح فنظر، فإذا الشمس قد طلعت، وبدا له اليد من السماء، وكانت ذلك آية ما بينه وبين ربه - عز وجل -؛ أمان من الغرق، -واليد: القوس الذي يُسمُّونه: قوس قزح، ونُهي أن يقال: قوس قزح؛ لأنّ قزح شيطان، وهو قوس الله، وزعموا: أنّه كان عليه وترٌ وسهمٌ قبل ذلك في السماء، فلما جعله الله تعالى أمانًا لأهل الأرض مِن الغرق نزع الله الوتر والسهم-، فقال نوح - عليه السلام - عند ذلك: ربِّ، إنّك وعدتني أن تُنجي معي أهلي، وغرَّقت ابني، و {إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين}. قال:{يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح} يقول: إنّه ليس مِن أهل دينك؛ إنّ عملَه كان غير صالح. قال:{اهبط بسلام منا}. فبعث نوحٌ - عليه السلام -