وقد رجّح ابنُ جرير (١٣/ ٩٩) جوازَ هذه الأقوال وعدم القطع بأحدها لعدم دليل التعيين الذي يشهد لها، فقال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يُقال: إن الله -جل ثناؤُه- أخبر عن هَمِّ يوسفَ وامرأةِ العزيز كلّ واحد منهما بصاحبه، لولا أن رأى يوسف برهان ربه، وذلك آيةٌ مِن آيات الله زَجَرَتْه عن ركوب ما هَمَّ به يوسف مِن الفاحشة، وجائز أن تكون تلك الآية صورةَ يعقوب، وجائزٌ أن تكون صورةَ الملك، وجائز أن يكون الوعيد في الآيات التي ذكرها الله في القرآن على الزنا، ولا حجة للعُذْر قاطعةً بأيِّ ذلك مِن أيٍّ. والصوابُ أن يقال في ذلك ما قاله الله -تبارك وتعالى-، والإيمان به، وترك ما عدا ذلك إلى عالمه». وذكر ابنُ عطية (٥/ ٦٩) الخلاف، ثم قال مُعَلِّقًا: «والبرهان في كلام العرب: الشيءُ الذي يُعْطِي القطعَ واليقين، كان مِمّا يعلم ضرورة أم بخبر قطعيٍّ أو بقياس نظري. فهذه التي رُوِيَت فيما رآه يوسف براهين».