للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأرض، وسهل، وبحر، وجبل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها. ثم عرض هذه الأسماء على أولئك الملائكة -يعني: الملائكة الذين كانوا مع إبليس الذين خُلِقوا من نار السَّموم-، وقال لهم: {أنبئوني بأسماء هؤلاء} يقول: أخبروني بأسماء هؤلاء، {إن كنتم صادقين}: إن كنتم تعلمون لِمَ أجعل في الأرض خليفة. قال: فلَمّا علمت الملائكةُ مؤاخذة الله عليهم فيما تكلموا به من علم الغيب الذي لا يعلمه غيره، الذي ليس لهم به علم، قالوا: {سبحانك} تنزيهًا لله من أن يكون أحد يعلم الغيب غيره، تُبْنا إليك، {لا علم لنا إلا ما علمتنا} تَبَرِّيًا منهم من علم الغيب {إلا ما علمتنا} كما علمتَ آدم. فقال: {يا آدم أنبئهم بأسمائهم} يقول: أخْبِرْهم بأسمائهم، {فلما أنبأهم بأسمائهم} يقول: أخبرهم بأسمائهم، {قال ألم أقل لكم} أيها الملائكة خاصة: {إني أعلم غيب السموات والأرض}، ولا يعلمه غيري، {وأعلم ما تبدون} يقول: ما تظهرون، {وما كنتم تكتمون} يقول: أعلم السر كما أعلم العلانية، يعني: ما كَتَم إبليسُ في نفسه من الكِبْر والاغْتِرار (١) [١٣٢]. (١/ ٢٤١)


[١٣٢] عَلَّقَ ابن جرير (١/ ٤٨٥ - ٤٨٦) على هذه الرواية بقوله: «وهذه الرواية عن ابن عباس تُنبِئ عن أنّ قول الله -جل ثناؤه-: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرص خليفة} خِطابٌ من الله -جل ثناؤه- لخاصٍّ من الملائكة دون الجميع، وأنّ الذين قيل لهم ذلك من الملائكة كانوا قبيلة إبليس خاصة، وأنّ الله إنّما خَصَّهم بقيل ذلك امتحانًا منه لهم وابتلاء؛ لِيُعَرِّفهم قصورَ علمهم، وفضل كثير مِمَّن هو أضعف خلقًا منهم من خلقه عليهم، وأنّ كرامته لا تنال بقُوى الأبدان وشِدَّة الأجسام، كما ظنه إبليس عدو الله، ومصرح بأن قيلهم لربهم: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} كانت هفوة منهم، ورجمًا بالغيب، وأنّ الله -جل ثناؤه- أطْلَعَهم على مكروهِ ما نطقوا به من ذلك، ووَقَفَهم عليه، حتى تابوا وأنابوا إليه مما قالوا ونطقوا من رجم الغيب بالظنون، وتَبَرَّءُوا إليه أن يعلم الغيب غيره، وأظهر لهم من إبليس ما كان منطويًا عليه من الكبر الذي قد كان عنهم مُسْتَخْفِيًا».
وبَيَّنَ (١/ ٥٠٠) أيضًا أنّ الرواية تحتمل ورود قول الملائكة: «على وجه الاستعلام منهم لربهم، لا على وجه الإيجاب أنّ ذلك كائن كذلك، فيكون ذلك منها إخبارًا عما لم تَطَّلِع عليه من علم الغيب».
وانتَقَد ابنُ كثير (١/ ٣٥٥) هذا الأثر بقوله: «هذا سياق غريب، وفيه أشياء فيها نظر يطول مناقشتها».

<<  <  ج: ص:  >  >>