للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٠٣ - عن الحسن البصري -من طريق جرير بن حازم، ومبارك، وأبي بكر- =

١١٠٤ - وقتادة -من طريق أبي بكر- قالا: قال الله لملائكته: {إني جاعل في الأرض خليفة}. قال لهم: إني فاعل. فَعَرَّضُوا برأيهم، فعلَّمَهم عِلْمًا، وطوى عنهم عِلْمًا عَلِمَه لا يعلمونه، فقالوا بالعلم الذي علَّمهم: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}. وقد كانت الملائكةُ عَلِمَتْ من علم الله أنه لا ذنب أعظم عند الله من سفك الدماء، {ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون}. فلما أخذ في خلق آدم همست الملائكة فيما بينها، فقالوا: ليخلق ربُّنا ما شاء أن يخلق، فلن يخلق خلقًا إلا كنا أعلم منه، وأكرم عليه منه. فلمّا خلقه، ونفخ فيه من روحه، أمرهم أن يسجدوا له لِما قالوا، ففضَّله عليهم، فعلموا أنهم ليسوا بخير منه، فقالوا: إن لم نكن خيرًا منه فنحن أعلم منه؛ لأنّا كُنّا قبله، وخُلِقَت الأمم قبله. فلما أُعْجِبوا بعلمهم ابتُلُوا، {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} أنِّي لا أخلق خلقًا إلا كنتم أعلم منه، فأخبِروني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. قال: ففَزِع القوم إلى التوبة -وإليها يفزَع كلُّ مؤمن-، فقالوا: {سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم * قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} لقولهم: ليخلق ربنا ما شاء، فلن يخلق خلقًا أكرم عليه مِنّا، ولا أعلم مِنّا. قال: علَّمه اسمَ كل شيء، هذه الخيل، وهذه البغال، والإبل، والجن، والوحش، وجعل يسمي كل شيء باسمه، وعرضت عليه أمة أمة: {قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون}. قال: أمّا ما أبْدَوا فقولهم: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}. وأما ما كتموا فقول بعضهم لبعض: نحن خير منه، وأعلم (١). (ز)

١١٠٥ - قال مقاتل بن سليمان: {وإذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إنِّي جاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} وذلك أن اللَّه - عز وجل - خلق الملائكة والجن قبل خلق الشياطين والإنس، وهو آدم - عليه السلام -، فجعلهم سُكّانَ الأرض، وجعل الملائكة سُكّانَ السماوات، فوقع في الجن الفتنُ والحسدُ؛ فاقتتلوا، فبعث الله جُندًا من أهل سماء الدنيا -يُقال لهم: الجن، إبليس عدو الله منهم، خُلِقوا جميعًا من نار، وهم خُزّان الجنة، رأسهم إبليس-، فهبطوا


(١) أخرجه ابن جرير ١/ ٤٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>