للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأرض كلها، فعلم آدم - عليه السلام - أسماءَها، فقال: يا آدم، هذا فرس، وهذا بغل، وهذا حمار. حتى سَمّى له كلَّ دابة، وكل طير باسمه، {ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلى المَلائِكَةِ} ثُمَّ عرض أهل تلك الأسماء على الملائكة الذين هم في الأرض، {فَقالَ أنْبِئُونِي} يعني: أخبِروني {بِأَسْماءِ هؤُلاءِ} يعني: دواب الأرض كلها، {إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} بأنِّي جاعلٌ في الأرض مَن يُفسِد فيها ويَسْفِك الدماء. {قالُوا} قالت الملائكة: {سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إلّا ما عَلَّمْتَنا إنَّكَ أنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ}. قال الله - عز وجل - لهم: كيف تَدَّعُون العلمَ فيما لَمْ يُخْلق بعدُ، ولَم تَرَوْه، وأنتم لا تعلمون مَن تَرَوْن. قال الله - عز وجل - لآدم: يا آدم، {أنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ}. يقول: أخبر الملائكة بأسماء دواب الأرض والطير كلها. ففعل، قال الله - عز وجل -: {فَلَمّا أنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ ألَمْ أقُلْ لَكُمْ إنِّي أعْلَمُ غَيْبَ} ما يكون في {السَّماواتِ والأَرْضِ وأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ} يعني: ما أظهرت الملائكةُ لإبليس من السمع والطاعة للرَّبِّ، {و} أعلم {ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} يعني: إبليس وحده؛ ما كان أسَرَّ إبليسُ في نفسه من المعصية لله - عز وجل - في السجود لآدم (١). (ز)

١١٠٦ - عن محمد بن إسحاق -من طريق سَلَمَة بن الفَضْل- قال: لَمّا أراد اللهُ أن يخلق آدم بقدرته ليبتليه ويبتلي به، لعلمه بما في ملائكته وجميع خلقه -وكان أوَّل بلاء ابتُلِيَت به الملائكة مِمّا لها فيه ما تحب وما تكره؛ للبلاء والتمحيص لِما فيهم مِمّا لم يعلموا، وأحاط به علمُ الله منهم-؛ جمع الملائكة من سكان السموات والأرض، ثم قال: {إني جاعل في الأرض خليفة}. يقول: ساكنًا وعامِرًا ليسكنها ويعمُرَها، خلقًا ليس منكم. ثم أخبرهم بعلمه فيهم، فقال: يفسدون في الأرض، ويسفكون الدماء، ويعملون بالمعاصي. فقالوا جميعًا: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك}، لا نعصي، ولا نأتي شيئًا كرهته؟ {قال إني أعلم ما لا تعلمون} أي: فيكم ومنكم -ولم يُبْدِها لهم- من المعصية، والفساد، وسفك الدماء، وإتيان ما أكْرَه منهم، مما يكون في الأرض مما ذكرتُ في بني آدم. قال الله لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين} إلى قوله: {فقعوا له ساجدين} [ص: ٦٩ - ٧٢]. فذكر لنبيه - صلى الله عليه وسلم - الذي كان من ذِكْرِه آدمَ - صلى الله عليه وسلم - حين أراد خلقه، ومراجعة الملائكة إيّاه فيما ذكر لهم منه. فلَمّا عَزَم الله -تعالى ذِكْرُه- على خلق آدم قال للملائكة: {إني خالق بشرا من


(١) تفسير مقاتل بن سليمان ١/ ٩٦ - ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>