للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٨٧٩٩ - عن إسماعيل السُّدِّيّ، في الآية، قال: ليس مِن عبدٍ إلا له مُعَقِّباتٌ مِن الملائكة؛ مَلَكان يكونان معه في النهار، فإذا جاء الليل صَعِدا، وأعقبهما مَلَكان، فكانا معه ليلَهُ حتى يُصْبِح، يحفظونه مِن بين يَدَيه ومِن خَلْفِه، ولا يصيبُه شيءٌ لم يُكْتَب عليه؛ إذا غَشِي مِن ذلك شيءٌ دفعاه عنه، ألم تره يمرُّ بالحائط فإذا جاز سَقَط؟ فإذا جاء الكتاب خَلَّوا بينه وبين ما كُتِب له، وهم مِن أمر الله؛ أمَرَهم أن يحفظوه (١). (٨/ ٣٨٧)

٣٨٨٠٠ - قال أبو بكر بن عياش: سألتُ السُّدِّيّ زمن خالد مُنذُ سبعين سنة عن قول الله: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله}. قال: يحفظونه مما قُدِّر له إلى ما لم يُقَدَّر له (٢). (ز)

٣٨٨٠١ - عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حجاج- في قوله: {من بين يديه ومن خلفه يحفظونه}، قال: مِثلُ قوله: {عن اليمين وعن الشمال قعيد} [ق: ١٧]. قال: الحسنات مِن بين يديه، والسيئات مِن خلفه، الذي عن يمينه يكتب الحسنات، والذي عن شماله يكتب السيئات (٣). (ز)

٣٨٨٠٢ - عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حجاج- {يحفظونه من أمر الله}، قال: يحفظون عليه مِن الله (٤) [٣٤٩٤]. (ز)


[٣٤٩٤] وجَّه ابنُ جرير (١٣/ ٤٦٧) قول ابن جريج بقوله: «يعني ابن جريج بقوله: يحفظون عليه: الملائكة الموكَّلة بابن آدم، بحفظ حسناته وسيئاته، وهي المعقِّبات عندنا، تحفظ على ابن آدم حسناته وسيئاته من أمر الله، وعلى هذا القول يجب أن يكون معنى قوله: {مِن أمْرِ الله}: أنّ الحفظة مِن أمْرِ الله، أو تحفَظُ بأمر الله، ويجب أن تكون الهاء التي في قوله: {يَحْفَظُونَهُ} وُحِّدَت وذُكِّرت، وهي مرادٌ بها الحسنات والسيئات، لأنها كناية عن ذِكْر» مَن «الذي هو مستخفٍ بالليل وساربٌ بالنهار، وأن يكون المستخفي بالليل، أُقِيمَ ذِكْره مُقامَ الخبر عن سيئاته وحسناته، كما قيل: {واسْأَلِ القَرْيَةَ الَّتِي كُنّا فِيها والعِيرَ الَّتِي أقْبَلْنا فِيها} [يوسف: ٨٢]».
وذكر ابنُ عطية (٥/ ١٨٧) لقوله تعالى: {يَحْفَظُونَهُ} احتمالين: الأول: «أن يكون بمعنى: يحرسونه، ويذُبُّون عنه، فالضمير معمول ليحفظ». والثاني: «أن يكون بمعنى: حِفْظ الأقوال وتحصيلها». ثم وجَّهه بقوله: «ففي اللفظة حينئذٍ حذف مضاف، تقديره: يحفظون أعمالهم، ويكون هذا حينئذٍ من باب {وسْئَلِ القَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢]، وهذا قول ابن جريج».
وذكر ابنُ عطية (٥/ ١٨٧) لقوله تعالى: {مِن أمْرِ اللهِ} معنيين بناءً على ما تقدم: الأول: «مَن جعل {يَحْفَظُونَهُ} بمعنى: يحرسونه، كان معنى قوله: {مِن أمْرِ اللَّهِ} يراد به: المعقبات». ثم وجَّهه بقوله: «فيكون في الآية تقديم وتأخير، أي: له معقِّباتٌ مِن أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، قال أبو الفتح: فـ {مِن أمْرِ اللَّهِ} في موضع رفع؛ لأنه صفة لمرفوع وهي المعقبات». الثاني: «ومَن تأوَّل الضمير في {لَهُ} عائد على العبد، وجعل المعقبات: الحرس، وجعل الآية في رؤساء الكافرين؛ جعل قوله: {مِن أمْرِ اللَّهِ} بمعنى: يحفظونه بزعمه مِن قَدَر الله، ويدفعونه في ظنه عنه، وذلك لجهالته بالله تعالى». ثم علَّق عليه بقوله: «وبهذا التأويل جعلها المتأولون في الكافرين، قال أبو الفتح: فـ {مِن أمْرِ اللَّهِ} على هذا في موضع نصب، كقولك: حفظت زيدًا من الأسد، فـ» من الأسد «معمول لـ» حفظت «».

<<  <  ج: ص:  >  >>